دور الأزهر في تعزيز الثقافة والعلم في العالم الإسلامي . شهد المجلس الأعلى للثقافة مائدة حوارية هامة بعنوان “الخطاب الديني – تحديات التطرف”، والتي نظمتها لجنة الإعلام برئاسة الدكتور جمال الشاعر، وأدارها الدكتور حسن عماد مكاوي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة.
في كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور مكاوي أن الإعلام يواجه أزمة حقيقية، حيث يشير إلى ضرورة التثقيف وتقديم المعلومة الصحيحة كأداة فعالة لمكافحة التحديات التي تواجه المنطقة، خاصة في ظل التكتلات والتحديات الخارجية المتزايدة التي بدأت تتضح ملامحها بشكل جلي.
ألقى الدكتور أسامة فخري الجندي كلمة شدد فيها على أهمية دور أهل العلم والمعرفة في التصدي للتطرف، مشيرًا إلى أن الجهل بحقائق الأمور هو السبب الرئيسي وراء ظهور الفكر المتطرف.
وذكر أن الإعلام والخطاب الديني يجب أن يكونا في مقدمة الأولويات، حيث أن كلاً منهما يسهم بشكل كبير في نشر الوعي وتقديم المعلومات الصحيحة. كما أشار إلى ضرورة تقديم نماذج رصينة من العلماء والمفكرين لتكون قدوة للأجيال الجديدة. وأضاف أن التطرف غالبًا ما ينشأ من الاندفاع الطائش، ولذلك يجب أن يواجه بفكر ناضج ورصين يعتمد على الحكمة والمعرفة، مع ضرورة فهم النصوص الدينية بشكل صحيح.
من جهته، تحدث الدكتور جمال الشاعر، مقرر لجنة الإعلام، مشيرًا إلى أن هناك تحديات دولية واضحة، حيث تتعرض المنطقة إلى “زلزال رقمي” و”مستعمرات رقمية” تستهدف نشر الشائعات وزعزعة الاستقرار. وأكد على أهمية أن نأخذ بعين الاعتبار الأبعاد العالمية عند الحديث عن الخطاب الديني والإعلام، مشيرًا إلى أن التأثيرات الخارجية تلعب دورًا محوريًا في تشكيل الوعي العام.
في ذات السياق، تحدث الدكتور حسن إبراهيم، الأمين المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، موضحًا أهمية الوعي الإعلامي ودوره الكبير في محاربة التطرف. وأكد على ضرورة أن يتبنى الإعلام قضية الوعي كأداة قوية يمكن الاستفادة منها في نشر التثقيف والتنوير، مشددًا على أهمية التعددية في وسائل الإعلام لتلبية احتياجات جميع أفراد الأسرة. كما أشار إلى ضرورة احترام العقل الجمعي وعدم النظر إلى الإعلام كسلعة، بل كوسيلة خطيرة تقدم خدمات تثقيفية وتنويرية.
وتحدث أيضًا عن المبادرة التي أطلقتها اللجنة العليا لشئون الدعوة تحت مسمى “أسبوع الدعوة”، والتي تهدف إلى تقديم محاضرات تثقيفية من أساتذة متخصصين في جميع التخصصات العلمية والدينية. كما أكد على أن الخطاب الديني يجب أن لا يقتصر على خطبة الجمعة بل يجب أن يكون هناك توسيع للأنشطة الدعوية والتثقيفية لتشمل شرائح أوسع من المجتمع.
الإذاعي سعد المطعني شارك أيضًا في المائدة الحوارية، حيث تحدث عن تجربة إنشاء “مجلة نور” التي طلبها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والتي تهدف إلى تقديم محتوى ديني وتثقيفي يناسب الأطفال. وتعتبر هذه المجلة وسيلة مهمة للتثقيف منذ الصغر.
من جانبه، تحدث الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، عن تأثير الإعلام ووسائل الاتصال، مشيرًا إلى أن أخطر ما في الإعلام هو قدرته على الوصول إلى جميع الأعمار، بما في ذلك الأطفال والكبار على حد سواء، من خلال أدواته مثل الهواتف الذكية.
كما أكد على أهمية دور الأزهر ومجمع البحوث في نشر الوعي والتثقيف الديني. وأشار إلى ضرورة أن يكون هناك إعلام ديني رقمي يستهدف الشباب، مع ضرورة إعطاء مساحة أكبر للعقول المبدعة الواعية للتصدي للمعلومات المغلوطة.
وفي ختام الجلسة، تحدث الدكتور عبد الله بانخر، أستاذ الإعلام بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، عن مكانة الأزهر، موضحًا تجربته التعليمية في مصر منذ المرحلة الثانوية، حيث وصف الأزهر ببؤرة الضوء الشامخة في العالم الإسلامي. وأضاف أنه لا يتخيل العالم الإسلامي بدون الأزهر، الذي يعتبر منارة للتعليم والتثقيف.
وقد سلط هذا اللقاء الضوء على التحديات التي تواجه المنطقة من خلال الإعلام والآليات التي يمكن من خلالها التصدي للتطرف، مؤكداً على أهمية نشر الوعي والمعرفة من خلال خطاب ديني وإعلامي ناضج.