حل مبتكر لإنهاء أزمة سد النهضة دون التأثير على مياه النيل.. لماذا يرفضه العلماء؟ في الساعات الأخيرة، أصبح اسم العالم المصري عصام حجي حديث منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن اقترح حلاً مبتكرًا لحل أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان. وقد جذب هذا الاقتراح انتباه الكثيرين، لكنه في الوقت نفسه أثار موجة من الجدل، حيث أعرب عدد من الخبراء عن معارضتهم للأفكار التي طرحها حجي المقيم في الولايات المتحدة.
عصام حجي يقترح حلاً لملف سد النهضة
في إطار السعي لإيجاد حل للأزمة المستمرة حول سد النهضة، اقترح الدكتور عصام حجي، الذي شغل سابقًا منصب المستشار العلمي لرئاسة الجمهورية، حلاً يُرضي جميع الأطراف المعنية. بحسب دراسة نشرت في مجلة “نيتشر” العلمية، قدم حجي مجموعة من المقترحات التي تهدف إلى توليد الطاقة الكهرومائية من سد النهضة دون الإضرار بمصالح مصر المائية.
حجي في دراسته اقترح أنه من الممكن توليد الكهرباء بشكل مستدام من السد الإثيوبي، مع اتخاذ تدابير لضمان عدم تأثير هذه العمليات على حصة مصر من المياه، خاصة في سنوات الجفاف أو انخفاض معدلات الفيضان. بالإضافة إلى ذلك، اقترح حجي في دراسته ضرورة التنسيق بين السد الإثيوبي والسد العالي في مصر لتحقيق توازن في تخزين المياه خلال مواسم الجفاف.
رأي الخبراء في مقترحات حجي
على الرغم من أن مقترحات حجي كانت محط اهتمام كبير على منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن عددًا من الخبراء في مجال الموارد المائية كان لهم رأي مختلف. من أبرز هؤلاء الخبراء الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الذي أوضح أن التقرير المتداول عن دراسة حجي لم يتضمن حلولًا محددة أو عملية، بل تناول مجموعة من العناوين العامة التي تم نقاشها مسبقًا بين الأطراف المعنية في المفاوضات السابقة.
وأكد الدكتور نور الدين أن العديد من المقترحات التي وردت في دراسة حجي كانت قد طرحت سابقًا من جانب الجانب المصري في المفاوضات مع إثيوبيا. على سبيل المثال، كان من بين هذه المقترحات السماح لإثيوبيا بتوليد 85% من الطاقة المخطط لها في سد النهضة خلال فترات الجفاف، وهو أمر كان موضع اتفاق في بعض جولات المفاوضات.
التنسيق بين سد النهضة والسد العالي
في إطار التعليق على ما طرحه حجي، أشار الدكتور نادر نور الدين إلى أن أحد الحلول المهمة التي قدمتها مصر في المفاوضات السابقة كان التنسيق بين السد الإثيوبي والسد العالي لضمان تقليل الأضرار التي قد تنجم عن تخزين المياه في السد الإثيوبي خلال فترات الجفاف. هذا التنسيق يهدف إلى ضمان عدم حدوث تكدس للمياه في سد النهضة بينما يُفرغ السد العالي من المياه.
ويعتقد نور الدين أن مثل هذه الحلول كانت واضحة وجزءًا من المفاوضات المصرية طوال السنوات الماضية، وليس فكرة جديدة كما روج لها حجي في دراسته. ويستعرض هنا أن حجي كان قد عمل كمستشار علمي للرئاسة خلال فترة الرئيس المؤقت عدلي منصور، وكان على دراية تامة بتفاصيل هذه المقترحات.
مقترح عصام حجي بشأن توليد الطاقة الكهرومائية
أما عن مقترح حجي المتعلق بتوليد الطاقة الكهرومائية، فقد أشار إلى إمكانية توليد الكهرباء من سد النهضة من خلال تخزين المياه بطريقة لا تؤثر سلبًا على حصة مصر المائية. وقد كانت هذه الفكرة موضع دراسة في المفاوضات السابقة.
حيث أكد الجانب المصري على أهمية التوازن بين توليد الطاقة وضمان عدم تأثر حصتها من مياه النيل. وأوضح حجي أن الحلول التي طرحها تتماشى مع التوجهات الحالية في مجال الطاقة المتجددة وتساهم في تقليل التأثيرات السلبية لسد النهضة على مصر.
فشل المفاوضات السابقة حول سد النهضة
إلى جانب اقتراحات حجي، لا بد من الإشارة إلى أن المفاوضات الثلاثية حول سد النهضة، التي انطلقت منذ أكثر من عقد من الزمان، قد انتهت بالفشل عدة مرات. فقد بدأ بناء سد النهضة في إثيوبيا في عام 2011 على نهر النيل، وكان الهدف الرئيسي منه تلبية احتياجات إثيوبيا للطاقة الكهربائية. إلا أن المشروع أدى إلى حالة من التوتر بين الدول الثلاث (مصر، إثيوبيا، والسودان) التي تعتمد جميعها على نهر النيل كمصدر رئيسي لمياه الشرب والري.
في بداية المفاوضات، كان هناك أمل في الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، لكن تلك الجولات لم تفضِ إلى توافق حقيقي حول العديد من النقاط الأساسية. وكانت أبرز القضايا التي أثارت الخلافات هي تحديد كمية المياه التي سيحصل عليها كل من مصر والسودان خلال ملء السد وتشغيله.
تحديات جديدة وحلول مستدامة
في ضوء هذه المفاوضات التي استمرت لعشر سنوات دون التوصل إلى حل نهائي، تبقى المشكلة قائمة، ويستمر التوتر بين الدول الثلاث. ومع ذلك، يرى البعض في مقترحات حجي خطوة نحو الحل المستدام، خاصة فيما يتعلق بتوليد الطاقة من السد مع ضمان الحفاظ على حصة مصر من مياه النيل.
ومع تنامي الأزمة، يبدو أن الحلول التقنية والسياسية لا تزال تشهد صراعًا بين العوامل المختلفة. فبينما تؤكد مصر على ضرورة ضمان عدم التأثير على حصتها المائية، تركز إثيوبيا على حقوقها في استخدام مياه النيل لتوليد الكهرباء. وفي هذا السياق، يبقى السؤال: هل يمكن تحقيق توازن بين حقوق الدول الثلاث في مياه النيل مع الحفاظ على التزامها بتوليد الطاقة؟
كما انه تظل الأزمة مستمرة، وتحقيق حل نهائي يتطلب المزيد من التعاون والتنسيق بين الأطراف المعنية، وتفعيل الحلول المطروحة بشكل عملي.