27
تحفيز الاستثمار الصناعي وزيادة الإنتاجية عبر مبادرة الـ15% تحليل الخبراء . تعتبر المبادرة الجديدة التي أطلقتها الحكومة المصرية لدعم القطاع الصناعي خطوة هامة في تحفيز الاقتصاد الوطني وتحقيق النمو المستدام.
أشاد الخبراء المصرفيون بهذه المبادرة التي توفر تسهيلات وحوافز هامة للاستثمار الصناعي، وتساهم في تحسين التنافسية للمنتجات المصرية. وتعتبر هذه المبادرة جزءًا من الجهود المستمرة لتعزيز دور القطاع الخاص في دفع عجلة التنمية وزيادة القدرة الإنتاجية.
أكد الخبراء أن هذه المبادرة ستكون لها تأثير إيجابي في تعزيز فرص العمل وتخفيف معدلات البطالة في البلاد، من خلال دعم القطاع الصناعي، حيث سيسهم ذلك في رفع مستوى الإنتاجية. فقد أشار الخبراء إلى أن السيولة المتوفرة من خلال المبادرة ستساعد في تغطية تكاليف التشغيل، بالإضافة إلى شراء المواد الخام، مما يضمن استقرار العملية الإنتاجية وزيادتها بشكل مستمر.
أطلقت الحكومة المصرية هذه المبادرة الجديدة لدعم القطاع الصناعي من خلال تقديم تسهيلات تمويلية للشركات العاملة في هذا القطاع، حيث تبلغ قيمة المرحلة الأولى من المبادرة 30 مليار جنيه.
تم تحديد هذا المبلغ في المرحلة الأولى من المبادرة لتوجيه الدعم بشكل خاص نحو شراء الآلات والمعدات الحديثة التي تدعم تحديث خطوط الإنتاج. وتهدف المبادرة إلى تمويل المنشآت الصناعية في المناطق الأكثر احتياجًا للتنمية مثل محافظات الصعيد، وإقليم قناة السويس، والمناطق الحدودية.
وتقوم وزارة المالية ممثلة في الخزانة العامة للدولة بتمويل هذه المبادرة وتحمل فارق سعر الفائدة، بحيث يتم تقديم سعر فائدة مدعوم قدره 15% لمدة خمس سنوات. كما تتضمن المبادرة بعض الحوافز الإضافية مثل خفض سعر الفائدة بنسبة تصل إلى 2% للأنشطة الصناعية المستحدثة التي لم يتم إنتاجها محليًا أو التي تتميز بمعدلات استيراد مرتفعة. هذه الحوافز تساهم في جذب الاستثمارات وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية.
من جانبه، أكد ماجد فهمي، الخبير المصرفي ورئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق، أن هذه المبادرة ستسهم في تحسين التنافسية في الأسواق المحلية والعالمية. وأوضح أن توفير السيولة اللازمة للمصانع سيساعدها على تخفيف أعبائها المالية، مما يساهم في رفع الإنتاجية بشكل عام. كما أشار إلى أن الهدف الرئيسي من هذه المبادرة هو توطين الإنتاج المحلي وتعظيم الصادرات، والوصول إلى أهداف طموحة لزيادة الصادرات السلعية في السنوات القادمة، مثل تحقيق صادرات بقيمة 100 مليار دولار.
وأعرب فهمي عن أهمية هذه المبادرة في تعزيز دور القطاع الخاص في المشروعات المختلفة ودعم النمو الاقتصادي. ولفت إلى أن الحكومة وضعت شروطًا صارمة للاستفادة من المبادرة، مثل تحديد حد أقصى للتمويل بـ75 مليون جنيه للعميل الواحد و100 مليون جنيه للأطراف المرتبطة. كما أن الشركات التي تزيد من القيمة المضافة المحلية في منتجاتها ستتمتع بحوافز إضافية في شكل خفض في سعر الفائدة.
أما بالنسبة للحوافز، فقد أكد فهمي أن تخفيض أسعار الفائدة وتحفيز الأنشطة الصناعية المستحدثة يمثل أحد الأبعاد الأساسية لدعم الصناعة في مصر. هذه المبادرة تساهم في خفض تكلفة الإنتاج وتشجيع التصدير، مما يساهم في تعزيز معدلات النمو الاقتصادي بشكل عام. كما أن تمويلات الدولة تضمن استمرارية المبادرة، وتحقيق أهدافها على المدى الطويل.
من ناحية أخرى، أشار هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، إلى أن المبلغ المخصص للمبادرة قد يكون بداية جيدة ولكن قد لا يكون كافيًا لتلبية احتياجات جميع الشركات، خاصة في ظل تنوع القطاعات المستهدفة.
أضاف أبو الفتوح أنه على الرغم من أن هذه المبادرة توفر دفعة أولى هامة، إلا أنه من الضروري تقييم تأثيرها بشكل دوري ومن ثم زيادتها إذا لزم الأمر لتحقيق الأهداف على المدى الطويل. ولفت إلى أن تلك الأموال ستساهم في تحديث البنية التحتية للإنتاج ورفع مستوى الجودة والكفاءة في القطاع الصناعي.
وأشار أبو الفتوح إلى أن المبادرة تركز بشكل خاص على سبع قطاعات صناعية رئيسية تتسم بأولوية عالية للاقتصاد المصري، مثل صناعة الأدوية، والصناعات الغذائية، والصناعات الهندسية، والصناعات الكيماوية، وصناعة الملابس الجاهزة، وصناعة التعدين، وقطاع مواد البناء. هذه القطاعات تلعب دورًا أساسيًا في تحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز الإنتاج المحلي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، بما يعود بالفائدة على الاقتصاد المصري. كما أن المبادرة تهدف إلى توفير فرص تطور وإنتاج في المناطق الأكثر احتياجًا مثل الصعيد ومحافظات الحدود.
وفي سياق الحديث عن تأثير المبادرة على التنمية الإقليمية، فقد أوضح أبو الفتوح أن المبادرة تهدف إلى تحقيق تنمية متوازنة في كافة مناطق مصر، وخاصة المناطق التي تعاني من قلة الفرص التنموية. ويعد هذا جزءًا من استراتيجية الحكومة لتحقيق التنمية الشاملة في جميع أنحاء البلاد.
من ناحية أخرى، أكد أبو الفتوح أن الحكومة المصرية وضعت شروطًا للاستفادة من المبادرة تضمن تحقيق أقصى استفادة من التمويلات المقدمة. ومن أبرز هذه الشروط ضرورة أن تكون الشركات قد حصلت على رخص البناء والانتهاء من الإنشاءات، بالإضافة إلى ضرورة تقديم الفواتير الضريبية عند الشراء المحلي أو فتح الاعتمادات المستندية لاستيراد الآلات.
وبشكل عام، يعتقد الخبراء أن المبادرة تمثل خطوة هامة نحو تحسين الصناعة في مصر ودعم النمو الاقتصادي بشكل عام. ويتوقعون أن تساهم هذه المبادرة بشكل كبير في تعزيز التنافسية وزيادة الإنتاجية، مما يؤدي إلى تحقيق تطور اقتصادي مستدام للقطاع الصناعي في مصر.