النفط يتراجع مع انتظار نتائج قمة بوتين وترامب في ألاسكا . افتتحت أسواق النفط العالمية تعاملاتها صباح اليوم الاثنين على تراجع جديد، في استمرار لمسار الهبوط الذي بدأ منذ الأسبوع الماضي، والذي سجل خسائر تجاوزت 4% نتيجة ضغوط متزايدة من عوامل اقتصادية وسياسية متشابكة.
هذا الانخفاض يأتي في وقت يترقب فيه المستثمرون حول العالم حدثًا سياسيًا بالغ الأهمية، يتمثل في المحادثات المقررة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الحرب في أوكرانيا، وسط تكهنات بتأثيرها المباشر على مستقبل إمدادات الطاقة العالمية.
تراجع الأسعار في بداية الأسبوع
بحسب بيانات التداول، انخفضت أسعار العقود الآجلة لخام “برنت” تسليم أكتوبر بنسبة 0.55%، أي ما يعادل 36 سنتًا، لتسجل 66.23 دولارًا للبرميل عند الساعة 08:07 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة.
وفي المقابل، تراجعت العقود الآجلة لخام “نايمكس” الأمريكي تسليم سبتمبر بنسبة أكبر بلغت 0.75% أو 47 سنتًا، لتصل إلى 63.41 دولارًا للبرميل. هذه الأرقام تعكس استمرار الضغط على سوق النفط، في ظل أجواء من الحذر والترقب التي تسيطر على المتعاملين.
العوامل الجيوسياسية في المشهد النفطي
أحد أبرز العوامل المؤثرة في حركة الأسعار حاليًا هو الترقب العالمي لمحادثات القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، المقرر عقدها في 15 أغسطس الجاري في ولاية ألاسكا الأمريكية.
هذه المحادثات، التي تهدف إلى إيجاد تسوية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، تحمل في طياتها احتمال إحداث تحولات جذرية في سوق الطاقة، خاصة إذا ما أسفرت عن اتفاق لرفع العقوبات المفروضة على صادرات النفط الروسي.
إمكانية إنهاء العقوبات وتأثيرها على السوق
منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية وفرض العقوبات الغربية على روسيا، تراجعت إمدادات النفط الروسي في الأسواق العالمية بشكل ملحوظ، مما ساهم في رفع الأسعار ودعم منتجين آخرين لتعويض الفجوة. ومع ارتفاع التوقعات بإنهاء هذه العقوبات، يتخوف المستثمرون من عودة كميات كبيرة من النفط الروسي إلى السوق، وهو ما قد يزيد من المعروض ويدفع الأسعار لمزيد من الهبوط في الفترة المقبلة.
تأثير البيانات الاقتصادية الصينية
على الصعيد الاقتصادي العالمي، جاءت بيانات المكتب الوطني للإحصاء في الصين لتضيف بعدًا آخر إلى مشهد السوق. فقد أظهرت الأرقام استقرار مؤشر أسعار المستهلكين في يوليو على أساس سنوي دون تغيير، بعد ارتفاع طفيف قدره 0.1% في يونيو الماضي.
في المقابل، سجل مؤشر أسعار المنتجين تراجعًا بنسبة 3.6%، وهو انخفاض أكبر من التوقعات التي كانت تشير إلى تراجع 3.3%. هذه المؤشرات تعكس استمرار الضغوط الانكماشية على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ما يزيد القلق بشأن الطلب العالمي على النفط.
الربط بين الاقتصاد والسياسة في أسعار النفط
أسواق النفط غالبًا ما تتأثر بمزيج من العوامل الاقتصادية والسياسية، ويبدو أن الأسبوع الحالي يجمع بين الاثنين بشكل واضح. فمن جهة، هناك الترقب السياسي لمحادثات ألاسكا التي قد تعيد رسم خريطة سوق الطاقة العالمية، ومن جهة أخرى، هناك مؤشرات اقتصادية ضعيفة من الصين، وهي من أكبر المستهلكين العالميين للنفط، بما قد يضغط على الطلب في المدى القريب.
التوقعات للفترة القادمة
خبراء الطاقة يرون أن مسار أسعار النفط في الأيام المقبلة سيكون رهينًا بمخرجات قمة بوتين وترامب، حيث أن أي مؤشر على انفراج الأزمة الأوكرانية ورفع العقوبات عن روسيا قد يفتح الباب أمام هبوط حاد في الأسعار. في المقابل، إذا فشلت المحادثات أو لم تسفر عن اتفاق ملموس، فقد تعود الأسعار للارتفاع مدعومة بمخاوف نقص الإمدادات.
استراتيجيات المستثمرين في ظل الضبابية
في ظل هذه الضبابية، يتبنى العديد من المستثمرين استراتيجيات أكثر تحفظًا، مثل الحد من المراكز المفتوحة أو الاعتماد على عقود التحوط لتقليل المخاطر. كما أن بعض شركات الطاقة الكبرى قد تؤجل قرارات الاستثمار الكبرى لحين وضوح الصورة السياسية والاقتصادية، خصوصًا في ما يتعلق بإمدادات النفط الروسي.
الأيام المقبلة تحمل في طياتها لحظة فاصلة لأسواق النفط العالمية. بين احتمال انفراج سياسي قد يغير معادلات المعروض والطلب، ومؤشرات اقتصادية قد تحدد مستوى استهلاك الطاقة، يظل المستثمرون والتجار في حالة ترقب وحذر. وحتى موعد القمة في ألاسكا، يبدو أن أسعار النفط ستبقى تحت ضغط، مع احتمالية استمرار الهبوط إذا ما استمرت المؤشرات الحالية على ما هي عليه.