المأكولات البحرية وأثرها المذهل في تهدئة الأعصاب وتنشيط العقل . تشير العديد من الدراسات الطبية والتوصيات الحديثة من خبراء التغذية إلى أهمية إدراج المأكولات البحرية، وخاصة الأسماك الدهنية، في النظام الغذائي اليومي للأفراد.
وفي هذا السياق، تؤكد الدكتورة يكاتيرينا غوزمان، وهي واحدة من أبرز أخصائيي التغذية، أن تناول الأسماك بشكل منتظم لا يساعد فقط على تحسين الصحة البدنية، بل يسهم بشكل مباشر وفعال في تعزيز الصحة النفسية والتغلب على التوتر والقلق.
المأكولات البحرية لمكافحة التوتر
توضح الدكتورة غوزمان أن الأسماك ليست مجرد مصدر للبروتين، بل تُعد من أغنى المصادر الطبيعية بالأحماض الدهنية الأساسية، وبالأخص أوميغا 3، التي تلعب دورًا محوريًا في دعم وظائف الدماغ وتحسين المزاج والقدرات الذهنية.
وتشير إلى أن هذه الأحماض لها تأثير مباشر في تقليل إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، مما يجعل من تناول الأسماك وسيلة طبيعية فعالة لمكافحة القلق المزمن والاكتئاب.
وتضيف أن الأسماك – بجميع أنواعها – تحتوي أيضًا على عناصر نادرة مثل الزنك والسيلينيوم وفيتامين D، وهي عناصر يحتاجها الجسم بكميات معتدلة للحفاظ على التوازن النفسي والمناعة الجيدة.
وترتبط هذه المغذيات بعدة وظائف حيوية، مثل تنظيم مستويات الهرمونات، وتحسين جودة النوم، والوقاية من الالتهابات، وجميعها عناصر تؤثر في استقرار الحالة النفسية.
الأسماك.. غذاء طبيعي خارق للدماغ
تقول الدكتورة غوزمان:
“الأسماك ليست فقط غذاء صحيًا، بل تُعد من الناحية البيوكيميائية غذاءً خارقًا للعقل. تناول وجبتين أو ثلاث وجبات من الأسماك أسبوعيًا كفيل بتزويد الجسم بكافة العناصر التي تدعم القدرات الذهنية وتقلل من الإجهاد العصبي”.
وتؤكد أن أوميغا 3 تعمل على تحسين التواصل بين خلايا الدماغ، مما ينعكس بشكل مباشر على تحسين الذاكرة والانتباه. كما أن هذه الأحماض الدهنية تلعب دورًا في الوقاية من الأمراض العصبية التنكسية مثل ألزهايمر والخرف، وقد أظهرت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يتناولون كميات مناسبة من المأكولات البحرية تقل لديهم فرص الإصابة بهذه الأمراض مع التقدم في العمر.
دعم مناعي في مواجهة التوتر
وتكمل غوزمان حديثها بالتأكيد على أن الفترات التي تشهد ارتفاعًا في مستويات التوتر – سواء الناتج عن ضغط العمل، أو ضغوط الحياة الاجتماعية والاقتصادية – تحتاج إلى تعزيز جهاز المناعة. وتُعد المأكولات البحرية مصدرًا مهمًا لدعم الدفاعات الطبيعية للجسم، نظرًا لاحتوائها على مضادات أكسدة قوية ومعادن مثل السيلينيوم، التي تحارب الجذور الحرة وتحمي الخلايا من التلف الناتج عن الإجهاد.
ومن المعروف أيضًا أن فيتامين D يلعب دورًا أساسيًا في صحة الجهاز العصبي والمناعي على حد سواء، وهذا ما يجعل الأسماك الدهنية مثل السلمون، السردين، التونة، والماكريل من أهم المصادر الغذائية للحصول على هذا الفيتامين، خاصة في الدول التي يقل فيها التعرض لأشعة الشمس.
أهمية اليود والفوسفور
وبجانب فوائدها في تحسين الصحة النفسية، تحتوي المأكولات البحرية على اليود، الضروري لتنظيم عمل الغدة الدرقية، التي تتحكم بدورها في معدلات التمثيل الغذائي والطاقة والحالة المزاجية. كما أن نقص اليود قد يؤدي إلى الشعور بالخمول والتعب العقلي والاضطرابات المزاجية.
أما الفوسفور، فهو عنصر مهم لصحة العظام والأسنان، كما يلعب دورًا في دعم وظائف الدماغ وتكوين الطاقة داخل الخلايا. وتوضح غوزمان أن جميع أنواع الأسماك – سواء البحرية أو النهرية – تحتوي على نسب متفاوتة من الفوسفور، ما يعزز من فائدتها للصحة العامة.
رأي الطب القلبي في المأكولات البحرية
من جانبها، تشدد الدكتورة إيرينا تشيكماريفا، أخصائية أمراض القلب، على أهمية المأكولات البحرية لصحة القلب والأوعية الدموية، مشيرة إلى أن فيتامين D الموجود في الأسماك يؤثر بشكل غير مباشر في الحفاظ على ضغط الدم ومستويات الكوليسترول، ويقلل من الالتهابات الداخلية في الأوعية.
وتضيف أن العديد من الدراسات أثبتت العلاقة بين نقص فيتامين D وزيادة معدل الإصابة بالاكتئاب، وكذلك أمراض القلب. وتوضح أن الجسم يستطيع إنتاج فيتامين D عند التعرض لأشعة الشمس، لكن في كثير من الأحيان – خصوصًا في المواسم الباردة أو في المدن ذات الكثافة السكانية العالية – يعاني الناس من نقصه، ولذلك يصبح من الضروري تعويضه من خلال النظام الغذائي، وبشكل خاص من خلال تناول الأسماك الدهنية.
كم مرة يجب تناول الأسماك؟
يُنصح بتناول وجبتين إلى ثلاث وجبات من المأكولات البحرية أسبوعيًا، بحيث تحتوي على نوع واحد على الأقل من الأسماك الغنية بالدهون الصحية.
وتشمل هذه الأنواع السلمون، السردين، الماكريل، والرنجة. ويمكن أيضًا تنويع النظام الغذائي بإدراج الجمبري، الكابوريا، الأخطبوط، والمحار، فكلها مصادر ممتازة للبروتين والمعادن.
ويُفضل طهي الأسماك بطرق صحية مثل الشوي أو الطهي بالبخار أو الفرن، وتجنب القلي الزائد الذي قد يفقدها جزءًا من عناصرها الغذائية، ويضيف كميات غير مرغوب فيها من الدهون المشبعة.
نصائح عملية لإدخال المأكولات البحرية في النظام الغذائي:
تناول سلطة التونة مرتين أسبوعيًا كوجبة خفيفة غنية بالأوميغا 3.
استخدم السلمون المدخن مع البيض أو في السندويتشات الصحية.
إعداد شوربة المأكولات البحرية بالخضار كوجبة غذائية متكاملة.
تجربة وصفات جديدة بالجمبري أو الكابوريا لتعزيز التنوع.
تلعب المأكولات البحرية دورًا محوريًا في تحسين الصحة النفسية ودعم القدرات الذهنية وتقوية جهاز المناعة، بالإضافة إلى دورها المعروف في الوقاية من أمراض القلب. وبفضل غناها بالأوميغا 3، الزنك، السيلينيوم، فيتامين D، اليود، والفوسفور، فهي توصف بأنها “غذاء العقل والجسد” بامتياز.
ولذلك، يُنصح بإدراجها بانتظام ضمن النظام الغذائي لتحقيق التوازن الصحي ومواجهة ضغوط الحياة اليومية بفعالية.