القبض على البلوجر لوشا في إحدى مناطق المقطم . في واقعة جديدة تعكس استمرار الجهود الأمنية في التصدي للمحتوى المخالف للقوانين والأعراف المجتمعية، تمكنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية من إلقاء القبض على البلوجر المعروف إعلاميًا باسم “لوشا“، وذلك في منطقة المقطم بالقاهرة، بعد ورود عدة بلاغات من مواطنين وجهات مختصة تتهمه بممارسة أنشطة إلكترونية مخالفة.
ووفقًا للمصادر الأمنية، فإن عملية القبض جاءت عقب تحريات دقيقة أجرتها الإدارة العامة لمكافحة جرائم الآداب بالتنسيق مع مباحث الإنترنت، حيث تبين من خلال الفحص والمتابعة أن المتهم كان يقوم ببث ونشر محتوى اعتُبر غير لائق أخلاقيًا، عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، بهدف جذب مشاهدات عالية واستغلالها لتحقيق أرباح مادية عبر الإعلانات والهدايا الإلكترونية.
وأكدت التحريات أن البلوجر “لوشا” يمتلك حسابات وصفحات يتابعها عشرات الآلاف من الأشخاص، وكان يقوم ببث فيديوهات مباشرة ومقاطع مسجلة تحتوي على إيحاءات وألفاظ خارجة عن الذوق العام، الأمر الذي أثار استياء قطاع واسع من المتابعين، ودفع عددًا منهم إلى تقديم بلاغات رسمية للجهات المعنية، مطالبين باتخاذ إجراءات قانونية عاجلة لوقف ما وصفوه بـ”الإساءة للمجتمع”.
وبناءً على تلك البلاغات، تم إعداد مأمورية أمنية لضبطه في أحد الأماكن التي يتردد عليها بالمقطم. وقد أسفرت الحملة عن القبض عليه دون مقاومة، حيث تم التحفظ على هاتفه المحمول وأجهزة الكمبيوتر الخاصة به لفحصها فنيًا، والتأكد من طبيعة المحتوى المنشور ومصادر الدخل الناتج عنه.
وذكرت مصادر مطلعة أن التحقيقات الأولية أظهرت أن المتهم كان يحقق أرباحًا شهرية كبيرة نتيجة نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك عبر نظام الإعلانات الممولة والهدايا الافتراضية التي يرسلها المتابعون في البث المباشر، فضلًا عن الترويج لبعض المنتجات والخدمات. إلا أن طبيعة المحتوى الذي كان يقدمه تسببت في إثارة الجدل ووضعه تحت مجهر القانون.
وقد تم تحرير محضر بالواقعة، وإحالة المتهم إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيقات. ومن المقرر أن يتم استدعاء عدد من المبلغين والشهود، بالإضافة إلى خبراء في جرائم الإنترنت، لفحص الأدلة الرقمية والتأكد من مدى انطباق مواد قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، وكذلك مواد قانون العقوبات ذات الصلة، على ما قام به المتهم.
يُذكر أن القانون المصري ينص على عقوبات صارمة ضد من يثبت تورطه في نشر محتوى مخل بالآداب العامة أو التحريض على الفسق والفجور، سواء على أرض الواقع أو عبر الفضاء الإلكتروني، وتصل العقوبة في بعض الحالات إلى الحبس والغرامة، مع إمكانية حجب المواقع أو الحسابات المخالفة.
هذه القضية تعيد إلى الأذهان عدة وقائع مشابهة خلال السنوات الأخيرة، حيث تصاعدت البلاغات ضد عدد من صناع المحتوى على المنصات الرقمية، ممن اتُهموا بتجاوز الحدود الأخلاقية والاجتماعية بغرض زيادة المشاهدات وتحقيق الأرباح. وقد شددت وزارة الداخلية مرارًا على أن مكافحة هذه الظاهرة تأتي ضمن خططها للحفاظ على الأمن الاجتماعي وحماية القيم الأسرية من أي محاولات للإساءة أو الانحراف بها.
في المقابل، يرى بعض المراقبين أن انتشار هذه النوعية من المحتوى يعود جزئيًا إلى غياب الرقابة الذاتية على ما يُنشر عبر المنصات الرقمية، بالإضافة إلى الانفتاح الكبير الذي أتاحته التكنولوجيا الحديثة، مما يستلزم تعاونًا أكبر بين الجهات الرسمية والمواطنين لرفع مستوى الوعي بخطورة هذه الممارسات على الأفراد، وخاصة فئة الشباب والمراهقين.
وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أن عدد البلاغات المقدمة ضد محتوى غير لائق على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر قد ارتفع بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الماضية، الأمر الذي دفع الأجهزة المختصة لتطوير آليات الرصد والمتابعة، واستخدام تقنيات حديثة لرصد المخالفات الرقمية في وقت قياسي.
كما حذر خبراء القانون الرقمي من أن أي شخص يقوم بنشر أو مشاركة محتوى مخالف، حتى ولو لم يكن هو صانع المحتوى الأصلي، قد يُعرض نفسه للمساءلة القانونية إذا ثبت أنه ساهم في نشره أو الترويج له.
من جانبه، دعا عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى ضرورة استغلال المنصات الرقمية بشكل إيجابي، وإنتاج محتوى هادف يقدم الفائدة والمتعة في الوقت نفسه، بدلًا من السعي وراء أساليب مثيرة للجدل بغرض الشهرة السريعة التي قد تنتهي بعواقب وخيمة.
وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الجارية، تبقى قضية البلوجر “لوشا” مؤشرًا واضحًا على أن القوانين المصرية باتت تطبق بشكل أكثر حزمًا في مواجهة أي محاولات لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يضر بالقيم أو الأمن المجتمعي، وهو ما يتماشى مع التوجه العالمي نحو ضبط الفضاء الإلكتروني وضمان استخدامه في أطر قانونية وأخلاقية سليمة.