السعودية وبريطانيا تحققان رقماً قياسياً في التجارة والاستثمار بـ 37.5 مليار دولار . تعزيز الشراكة الاقتصادية بين السعودية وبريطانيا: 37.5 مليار دولار هدف مشترك بحلول 2030 شهدت العلاقات السعودية البريطانية في الآونة الأخيرة تطورًا ملحوظًا على مختلف الأصعدة، خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية.
خلال زيارة رئيس وزراء المملكة المتحدة، كير ستارمر، إلى المملكة العربية السعودية في ديسمبر 2024، تم التأكيد على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين لتحقيق أهداف استراتيجية مشتركة.
أبرز هذه الأهداف كان زيادة حجم التجارة والاستثمار بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة ليصل إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030. هذا التوجه يعكس التزامًا قويًا من الطرفين بتوسيع آفاق التعاون في العديد من القطاعات الحيوية.
تعزيز الشراكة الاقتصادية
مفتاح التعاون السعودي البريطاني يكمن في الاستثمار المشترك في قطاعات متعددة، من أبرزها الصناعات المستقبلية، الطاقة المتجددة، الهيدروجين النظيف، بالإضافة إلى التكنولوجيا النظيفة.
حيث أكد الجانبان التزامهما في العمل سويا لتنفيذ رؤية المملكة 2030، التي تركز على التنوع الاقتصادي وتحقيق الاستدامة عبر تطوير شراكات استراتيجية مع دول مثل المملكة المتحدة، التي تتبنى بدورها إستراتيجية صناعية خاصة بها تسعى إلى دفع القدرة التنافسية العالمية وتوفير فرص العمل. هذه الشراكة تعد خطوة كبيرة نحو تحفيز النمو المستدام وتحقيق ازدهار مشترك بين البلدين.
من بين أهم المحاور التي تم التأكيد عليها في المباحثات، كانت ضرورة توسيع استثمارات كلا البلدين في بعض القطاعات الجديدة مثل الهيدروجين النظيف والطاقة المتجددة. ووفقًا للبيان المشترك، سيتم التعاون بين البلدين لتطوير السياسات والمعايير الخاصة بتلك المجالات، بما يساهم في تسريع التقدم التكنولوجي وزيادة القدرة التنافسية في أسواق الطاقة المستقبلية.
استثمارات السعودية في المملكة المتحدة
أحد المجالات التي شهدت تطورًا ملحوظًا هو حجم الاستثمارات السعودية في المملكة المتحدة. في عام 2024، شهدت المملكة المتحدة استثمارات كبيرة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، شملت مجالات متعددة مثل قطاع التجزئة والطيران، بما في ذلك الاستثمار في متجر “سيلفريدجز” الشهير ومطار “هيثرو”.
كما أضافت المملكة العربية السعودية استثمارًا جديدًا في نادي “نيوكاسل يونايتد” لكرة القدم، مما يعزز العلاقة بين البلدين ويتيح الفرص لتعميق التعاون في مجالات الرياضة والترفيه.
التعاون في قطاع الطاقة
فيما يخص قطاع الطاقة، أشار البيان المشترك إلى تعزيز التعاون بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، خصوصًا في ما يتعلق بتطوير وتطبيق الهيدروجين النظيف.
تم الاتفاق على ضرورة التركيز على تطوير السياسات واللوائح الخاصة بهذه الصناعة المستقبلية بما يساهم في تقديم حلول طاقة مستدامة على الصعيدين المحلي والدولي.
من الجوانب المهمة أيضًا تعزيز التعاون في مجال المعادن الخضراء والبتروكيماويات المتخصصة، حيث أكد الجانبان أهمية ضمان استدامة سلاسل التوريد العالمية، خاصة في المجالات المتعلقة بالطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين، مما يسهم في تعزيز القدرة التنافسية للبلدين في الأسواق العالمية.
دور المملكة العربية السعودية في تعزيز الاستقرار العالمي
في المجال الأمني، أكدت المملكة المتحدة دعمها الكامل لرؤية المملكة العربية السعودية 2030، مبديةً استعدادها لدعم الاستقرار الإقليمي والعالمي. وكان من بين المواضيع البارزة التي تم بحثها التعاون في المجال الأمني والدفاع، حيث اتفق الطرفان على تطوير شراكة دفاعية استراتيجية طموحة تركز على التعاون الصناعي وزيادة التشغيل البيني بين القوات المسلحة في البلدين، مع التركيز على التهديدات المشتركة.
وقد تم الاتفاق على أهمية تعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني، حيث يعد هذا القطاع من الأولويات في ظل التحديات التكنولوجية المتزايدة. كما تمت الإشارة إلى أهمية التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف وتعزيز الأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
تطوير التعاون الثقافي والتعليم
شملت الزيارة أيضًا التعاون في مجالات التعليم والثقافة، حيث تم الإعلان عن خطط لزيادة عدد المدارس البريطانية في المملكة العربية السعودية، وكذلك فتح فروع للجامعات البريطانية في المملكة لدعم رؤية السعودية في إنشاء اقتصاد قائم على المعرفة. كما تم التأكيد على أهمية تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين، بما في ذلك المشاركة في الفعاليات الثقافية والفنية، وتبادل الخبرات في مجال التراث والمتاحف.
وقد لفت الجانبان إلى أهمية التعاون المشترك في تطوير محافظة العُلا، التي تعد واحدة من أهم مشاريع المملكة العربية السعودية الثقافية، من خلال إطلاق برنامج تنفيذي بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني.
التحديات الإقليمية والدولية
على الصعيد الإقليمي والدولي، تناول البيان المشترك عدة قضايا هامة، من أبرزها التطورات في غزة وسوريا ولبنان واليمن. وأكد الطرفان على ضرورة العمل من أجل تحقيق حلول سلمية مستدامة لهذه الأزمات، مشددين على أهمية التعاون الدولي لتحقيق الاستقرار في هذه المناطق. كما تم التأكيد على دور المملكة العربية السعودية في الدفع باتجاه حل الدولتين فيما يخص النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
التعاون في مجالات الصحة والرياضة
من المجالات الأخرى التي تم التأكيد على تعزيز التعاون فيها، كان قطاع الصحة، حيث تم الاتفاق على تبادل الخبرات والممارسات الأفضل في تدريب الممرضين والمهنيين الصحيين. كما تم الإشارة إلى أهمية التعاون في مجال الرياضة، مع التركيز على دعم القيادات النسائية في الرياضة وتطوير مجال الرياضات الإلكترونية.
تعد زيارة رئيس وزراء المملكة المتحدة، كير ستارمر، إلى المملكة العربية السعودية خطوة هامة نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات. من المتوقع أن يثمر هذا التعاون المشترك عن نتائج مثمرة تساهم في تطوير الاقتصادات الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة.
مع التزام البلدين بتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية، الأمنية، الثقافية والتعليمية، إلى جانب تزايد الاهتمام بالتحديات الإقليمية والدولية، فإن هذه الشراكة ستكون محورية في رسم مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة للمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة على حد سواء.