السجائر الإلكترونية تهديد صامت لصحة الفم والأسنان . شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في استخدام السجائر الإلكترونية، خاصة بين الشباب، ما أثار اهتمام الخبراء في مجال صحة الفم والأسنان بسبب الأضرار المتعددة التي قد تنتج عنها.
وتكشف الدراسات الحديثة أن مخاطر هذه الأجهزة لا تقتصر على الجهاز التنفسي أو الرئة، بل تمتد لتشمل الفم والأسنان، مسببة مشاكل قد تكون مزمنة إذا استمر الاستخدام لفترات طويلة.
أضرار السجائر الإلكترونية على الفم
أظهرت الأبحاث أن استخدام السجائر الإلكترونية قد يؤدي إلى مشاكل مثل جفاف الفم، تسوس الأسنان، التهابات اللثة، وتآكل مينا الأسنان. وتشير الدراسات إلى أن النكهات المختلفة الموجودة في سوائل التدخين الإلكتروني تزيد من خطورة هذه الأضرار، خصوصًا بين الشباب الذين يستخدمونها بانتظام.
وتقول الدكتورة سميتا ميرا، طبيبة الأسنان في عيادات Neem Tree في لندن وسيراي:
“السجائر الإلكترونية أكثر إدمانًا من التبغ بالنسبة لكثير من الشباب، وتضر بصحة الفم بشكل مقلق.”
وتضيف أن عياداتها شهدت زيادة في حالات التهاب اللثة المبكر وتراكم البلاك بين الشباب، وهي مشكلات كانت نادرة قبل انتشار التدخين الإلكتروني.
كيف تؤثر السجائر الإلكترونية على الأسنان؟
تحتوي سوائل السجائر الإلكترونية على مواد مثل بروبيلين غليكول والغليسيرين النباتي، وهما من العوامل المسببة لجفاف الفم وتراكم البلاك. كما أن النيكوتين يقلل إفراز اللعاب، بينما يزيد البخار الساخن الناتج عن الجهاز من الجفاف، ما يضعف قدرة الفم على تنظيف نفسه طبيعيًا.
وتوضح الدكتورة ميرا:
“اللعاب هو خط الدفاع الطبيعي للفم، فبدونه تتراكم البكتيريا وتزداد حموضة الفم، ويتسارع التسوس، خاصة بالقرب من خط اللثة وبين الأسنان.”
ويؤكد الأطباء أن جفاف الفم الناتج عن التدخين الإلكتروني قد يؤدي إلى التهاب اللثة ونزيفها، وربما فقدان الأسنان على المدى الطويل إذا لم يُتخذ العلاج المناسب.
وأشار الدكتور جيمس غولنيك، طبيب أسنان ومؤسس عيادة Bow Lane Dental في لندن، إلى أن التدخين الإلكتروني يؤثر بشكل خاص على الأسنان الأمامية، إذ تتعرض مباشرة للدخان، مما يؤدي إلى تآكل المينا وظهور البقع والتسوس.
النكهات وتأثيرها على صحة الفم
تشير الدراسات إلى أن النكهات الحلوة في سوائل السجائر الإلكترونية قد تشجع المستخدمين على تناول المزيد من الأطعمة السكرية الضارة بالأسنان، كما أنها تغير توازن الميكروبات في الفم، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض اللثة.
وأظهرت دراسة نشرت في مجلة mSystems أن مستخدمي السجائر الإلكترونية على المدى الطويل يطورون ميكروبات فموية مرتبطة بنزيف اللثة وفقدان العظام، ما يؤكد التأثير طويل المدى لهذه الأجهزة على صحة الفم والأسنان.
تحذيرات الأطباء والدراسات العلمية
يؤكد أطباء الأسنان أن السجائر الإلكترونية ليست آمنة، خصوصًا للشباب وغير المدخنين. وقال الدكتور ريتشارد هوليداي، أستاذ طب ترميم الأسنان بجامعة نيوكاسل:
“هناك أدلة متزايدة على أن مستخدمي السجائر الإلكترونية معرضون لتسوس الأسنان، ويجب التعامل مع هذا الأمر بجدية.”
كما أظهرت دراسة مشتركة بين جامعة كوليدج لندن وجامعة إنسبروك عام 2024 أن مستخدمي السجائر الإلكترونية يظهرون تغييرات في الحمض النووي داخل خلايا الخد، مشابهة لتلك الناتجة عن التدخين التقليدي، ما قد يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض الفم على المدى الطويل.
ويشدّد الخبراء على أن التدخين الإلكتروني، رغم كونه أقل ضررًا من التبغ التقليدي بالنسبة للمدخنين الحاليين، ليس آمنًا لغير المدخنين، خاصة الشباب. كما يحذرون من أن الأضرار قد تظهر متأخرة، وعندها يصبح علاجها صعبًا أو مستحيلًا، لأن مينا الأسنان لا تتجدد طبيعيًا.
النصائح للحد من أضرار السجائر الإلكترونية على الفم
الإقلاع عن التدخين الإلكتروني هو الخيار الأمثل للحفاظ على صحة الفم والأسنان.
الحفاظ على ترطيب الفم بشرب الماء وتجنب الجفاف الناتج عن النيكوتين والبخار الساخن.
استخدام معجون أسنان يحتوي على الفلورايد للحماية من التسوس وتقوية مينا الأسنان.
زيارة طبيب الأسنان بشكل دوري للكشف المبكر عن التهاب اللثة أو تراكم البلاك.
تجنب المشروبات والأطعمة السكرية التي تزيد من حموضة الفم وتسرع التسوس.
تشير كل الأدلة العلمية الحديثة إلى أن السجائر الإلكترونية تمثل تهديدًا حقيقيًا لصحة الفم والأسنان، خاصة بين الشباب. فهي تسبب جفاف الفم، تراكم البلاك، تآكل المينا، التهابات اللثة، وزيادة مخاطر التسوس وفقدان الأسنان.
رغم كونها بديلًا أقل ضررًا من التبغ التقليدي بالنسبة للمدخنين، فإنها ليست آمنة لغير المدخنين، وينصح الأطباء بالإقلاع عنها أو الحد من استخدامها قدر الإمكان، مع متابعة صحة الفم بانتظام للحفاظ على الأسنان واللثة من الأضرار طويلة المدى.