الزواج العرفي بين الحلال والحرام كلمة شوقي علام في القضية . في حديثه عن حكم الزواج العرفي، قام الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، بتوضيح العديد من النقاط الهامة حول هذا الموضوع الذي يثير جدلاً كبيرًا في المجتمع الإسلامي.
الزواج العرفي، كما ذكر الدكتور شوقي، هو نوع من الزواج الذي يتم بين الرجل والمرأة دون أن يتم توثيقه رسمياً لدى الدولة أو المأذون الشرعي. ووفقًا لما يطرحه، فإن الزواج العرفي يحمل في طياته بعض الأوجه التي قد تجعله مثارًا للشكوك في مسائل قانونية وشريعة، رغم أنه قد يلتزم بأركان الزواج الشرعي الأساسية.
مفهوم الزواج العرفي
الزواج العرفي يُفهم اصطلاحًا على أنه الزواج الذي يتم دون المرور بالإجراءات الرسمية المعتادة والتي تشمل توثيق العقد لدى المأذون المعتمد من الدولة، وهو ما يميز الزواج الرسمي عن العرفي. ومن خلال تعريف الدكتور شوقي علام، يظهر أن الزواج العرفي يتفق في العديد من مكوناته مع الزواج الرسمي من حيث المهر، والشهود، وعقد النكاح في حضور الولي، إذ لا يختلف في جوهره عن الزواج الرسمي في الشروط الشرعية.
لكن الفرق الجوهري في الزواج العرفي يكمن في غياب التوثيق القانوني من قبل الدولة، وهو ما قد يُعد سببًا في العديد من الإشكالات القانونية التي قد تظهر لاحقًا بين الزوجين أو مع الآخرين، مثل أفراد الأسرة أو في حال حدوث نزاع حول حقوق الزوجة أو الأطفال الناتجين عن هذا الزواج.
الفرق بين الزواج العرفي والزواج الرسمي
كما أشار الدكتور شوقي علام، فإن الزواج العرفي على الرغم من تطابقه مع الزواج الرسمي في معظم المقومات الشرعية، إلا أن الفرق الكبير يكمن في غياب التوثيق القانوني. فعندما يتم الزواج عبر المأذون ويُسجل في سجلات الدولة، فإن هذا التوثيق لا يعمل فقط على تأكيد العلاقة الزوجية، بل يُسهم في حماية حقوق الزوجين.
وعلى النقيض من ذلك، يُعتبر الزواج العرفي غير موثق قانونًا، وبالتالي لا يحظى بنفس الضمانات القانونية التي يوفرها الزواج الرسمي. وبذلك، قد يواجه الطرفان مشاكل قانونية في المستقبل، سواء فيما يتعلق بحقوق الزوجة في حال حدوث الطلاق أو في حالة الوفاة، أو حتى في ما يتعلق بحقوق الأطفال الناتجين عن الزواج العرفي.
إحدى النقاط التي سلط الدكتور شوقي الضوء عليها هي أن غياب التوثيق الرسمي يعني غياب الحق في رفع القضايا القانونية التي تؤكد العلاقة بين الزوجين في المحكمة. وقد تتسبب هذه الوضعية في صعوبة الحصول على حقوق قانونية للطرفين، كما أنها قد تُحرم الأطفال الناتجين عن هذا الزواج من العديد من الحقوق التي يكفلها لهم القانون، مثل الميراث أو الحضانة. لهذا السبب، يعتقد البعض أن الزواج العرفي يفتقر إلى العديد من الضمانات القانونية التي تضمن الاستقرار للمجتمع والأسرة.
الزواج العرفي في الفقه الإسلامي
بالرغم من أن الزواج العرفي قد لا يحظى بالتوثيق الحكومي، فإن فقهاء الشريعة يختلفون في حكمه، حيث يرى البعض أن الزواج العرفي صحيح من الناحية الشرعية بشرط توافر أركان عقد النكاح من مهر، وولي، وشهود.
لكن يُشدد على أهمية توثيق هذا الزواج لضمان الحقوق وتجنب الوقوع في مشكلات قانونية قد تنشأ في المستقبل. يُستدل على صحة الزواج العرفي من حيث الشريعة الإسلامية في الحالات التي يتم فيها الإشهار، وتستوفي الشروط اللازمة للعقد، كما هو الحال في الزواج الرسمي.
من جهة أخرى، يرى البعض أنه لا يمكن اعتبار الزواج العرفي قانونيًا في المجتمع المعاصر، خاصة في الدول التي تفرض قوانين صارمة تتعلق بتوثيق العقود المدنية. هنا يكمن التحدي الأكبر، حيث تتناقض قوانين الدولة مع فهم بعض الناس للزواج العرفي على أنه عقد شرعي فقط. ومن المهم أن يتم التمييز بين مفهومي الشرعية القانونية والشرعية الدينية، فالأول يتطلب التوثيق الرسمي كي يتم الاعتراف بالعلاقة الزوجية.
التحديات القانونية للزواج العرفي
إحدى القضايا الأساسية التي أشار إليها الدكتور شوقي علام هي المشاكل القانونية التي قد يواجهها الأزواج في الزواج العرفي، وخاصة فيما يتعلق بالحقوق الشرعية، مثل النفقة، والميراث، وحضانة الأطفال.
في ظل غياب التوثيق الرسمي لهذا النوع من الزواج، يصعب على الزوجين الحصول على أي حقوق قانونية في حال وقوع الخلاف أو الطلاق، إذ لا يمكن للطرف المتضرر من هذه العلاقة أن يرفع دعوى قضائية لاسترداد حقوقه أو حقوق أولاده. وهذا يضع النساء بشكل خاص في موقف صعب، إذ قد يُحرمن من حقهن في الميراث أو النفقة أو حتى الحضانة.
بالإضافة إلى ذلك، يتسبب الزواج العرفي في العديد من الإشكاليات في حال حدوث الطلاق أو وفاة أحد الزوجين، حيث يصعب إثبات العلاقة الزوجية أمام المحكمة في غياب أي وثائق رسمية. لذلك، لا يمكن للمرأة أن تطالب بحقوقها في المحاكم الرسمية إلا إذا كان هناك دليل ملموس يثبت الزواج العرفي. وعليه، نجد أن الزواج العرفي في الكثير من الأحيان لا يُعد آمنًا قانونيًا في مجتمعاتنا المعاصرة.
الحلول والتوجهات المستقبلية
لتفادي هذه المشكلات القانونية، يُنصح في العديد من الفتاوى والآراء الشرعية بتوثيق الزواج العرفي عبر المأذون أو تسجيله رسميًا في السجلات الحكومية. وفي حال تعذر ذلك، يجب أن يتم التأكد من تأمين جميع الحقوق بشكل كامل في العقد، مثل تحديد النفقة، والميراث، والحضانة في حال حدوث أي مشكلات قانونية مستقبلية. يضاف إلى ذلك ضرورة أن تكون هناك رقابة حكومية على هذا النوع من الزواج لضمان الحقوق وحمايتها من أي ظلم أو استغلال.
ختامًا، شدد الدكتور شوقي علام على ضرورة فهم الزواج العرفي في سياقه الشرعي والقانوني، مؤكدًا على أن وجود الدولة من خلال مؤسساتها وتوثيق الزواج هو ضمانة كبيرة لحماية حقوق الأفراد.
وفي الوقت ذاته، أشار إلى أن الزواج العرفي، على الرغم من مشكلاته القانونية، لا ينبغي أن يُعتبر غير شرعي إذا تم توافر شروطه الشرعية. لكنه دعا إلى التوجه نحو التوثيق الرسمي لضمان حقوق الجميع.