الربو وعلاجه وما الذي يجب الانتباه إليه . يُعد مرض الربو أحد أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا في الجهاز التنفسي، ويصيب ملايين الأشخاص حول العالم، سواء الأطفال أو البالغين.
ويتميز الربو بالتهاب الشعب الهوائية وتضيقها بشكل متقطع، مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس، ضيق الصدر، صفير أثناء التنفس، وسعال متكرر، خصوصًا أثناء الليل أو عند ممارسة التمارين الرياضية.
ومع استمرار التقدم الطبي، أصبحت هناك مجموعة واسعة من العلاجات المتاحة للسيطرة على أعراض الربو ومنع تفاقم الحالة، لكن للأسف، كثيرًا من المرضى يرتكبون أخطاء شائعة في إدارة هذا المرض المزمن، مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على المدى الطويل.
أوضحت الدكتورة ناتاليا نيناشيفا، أخصائية أمراض الحساسية والمناعة، أن الخطأ الأكثر شيوعًا بين مرضى الربو هو الاعتماد على موسعات الشعب الهوائية فقط لتخفيف الأعراض، متجاهلين أهمية العلاج الوقائي باستخدام الغلوكوكورتيكوستيرويدات المستنشقة.
وأكدت أن هذا النهج الخاطئ قد يبدو فعالًا على المدى القصير لأنه يخفف الأعراض بسرعة، لكنه لا يعالج الالتهاب الكامن في الشعب الهوائية، وهو السبب الأساسي لتفاقم المرض على المدى الطويل.
تعمل موسعات الشعب الهوائية مثل سالبوتامول، فينوتيرول، وبروميد الإبراتروبيوم على فتح مجرى الهواء بسرعة عند حدوث نوبة الربو، مما يمنح المريض شعورًا بالراحة مؤقتًا ويخفف من ضيق التنفس وصفير الصدر.
ومع ذلك، فإن الاعتماد على هذه الأدوية وحدها دون استخدام العلاج الوقائي يؤدي إلى تجاهل الالتهاب المزمن الموجود في الرئتين، مما يزيد من خطر تفاقم الأعراض وتكرار النوبات، وقد يستدعي دخول المستشفى أو حتى يؤدي إلى مضاعفات طويلة الأمد تؤثر على نوعية الحياة.
وأوضحت نيناشيفا أن الأساليب الحديثة في علاج الربو تُركز على الجمع بين السيطرة على الالتهاب المزمن والاستجابة السريعة للأعراض.
وتشمل هذه الأساليب استخدام الغلوكوكورتيكوستيرويدات المستنشقة بشكل منتظم، وهي تعد حجر الزاوية في علاج الربو، حيث تساعد على تقليل الالتهاب في الشعب الهوائية، تحسين وظيفة الرئتين، ومنع تفاقم الأعراض على المدى الطويل.
كما أشارت إلى أن الالتزام بهذا العلاج الوقائي مهم حتى في الحالات الخفيفة أو لدى المرضى الذين يعانون نوبات نادرة، لأن التهاون في الالتزام بالعلاج قد يؤدي إلى تطور الحالة بسرعة.
الالتزام بالعلاج الوقائي بالغلوكوكورتيكوستيرويدات المستنشقة له فوائد عديدة على صحة المريض، فهو يقلل من معدل تكرار نوبات الربو ويحد من الحاجة إلى استخدام موسعات الشعب الهوائية الطارئة.
كما يقلل من احتمالية دخول المستشفى بسبب نوبات حادة، ويحسن القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية دون انقطاع، بما في ذلك العمل، الدراسة، وممارسة الرياضة.
إضافة إلى ذلك، يساهم العلاج المنتظم في الحد من التأثير السلبي للربو على جودة النوم، حيث يعاني كثير من المرضى من السعال الليلي واضطرابات النوم التي تؤثر على صحتهم العامة.
ولتحقيق أفضل النتائج، يجب على المرضى الالتزام بالجرعات المقررة من الغلوكوكورتيكوستيرويدات المستنشقة وعدم تعديلها بشكل تلقائي دون استشارة الطبيب. وتؤكد الدراسات أن ضبط الالتهاب المزمن في الرئتين يقلل من خطر حدوث مضاعفات طويلة الأمد مثل تضيق الشعب الهوائية الدائم أو تليف الرئة، ويعزز الصحة العامة للجهاز التنفسي.
كما نبهت نيناشيفا إلى أن العلاج الفعال للربو لا يقتصر على الأدوية فقط، بل يشمل أيضًا تبني نمط حياة صحي. فالتحكم في الوزن، اتباع نظام غذائي متوازن، الامتناع عن التدخين، وتقليل التعرض للملوثات والمواد المثيرة للحساسية، كلها عوامل مهمة في تقليل تفاقم المرض.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، مثل المشي أو السباحة، تساعد على تحسين القدرة التنفسية وتعزز قوة عضلات الجهاز التنفسي، لكنها يجب أن تتم تحت إشراف طبي لتجنب الإجهاد الزائد الذي قد يحفز نوبة الربو.
وتشير نيناشيفا إلى أن التكنولوجيا الطبية الحديثة قد ساعدت المرضى على مراقبة حالتهم بشكل أفضل، من خلال أجهزة قياس نسبة الأكسجين، أجهزة قياس تدفق الزفير، وتطبيقات الهاتف المحمول التي تساعد في تسجيل الأعراض ومواعيد الدواء، مما يوفر تحكمًا أكبر في إدارة المرض ويقلل من المخاطر المحتملة.
كما شددت على أهمية التثقيف الصحي للمرضى وأسرهم، خاصة للأطفال والمراهقين، لضمان فهم كيفية التعامل مع النوبات وكيفية استخدام أجهزة الاستنشاق بشكل صحيح. وأوضحت أن الخطأ في استخدام أجهزة الاستنشاق قد يقلل من فعالية العلاج، وبالتالي يجعل الالتهاب المزمن مستمرًا ويزيد من احتمالية تفاقم الربو.
وبالإضافة إلى الالتزام بالعلاج الوقائي، يجب على المرضى مراجعة الطبيب بشكل دوري لمتابعة تطور الحالة، وتقييم استجابة الجسم للعلاج، وضبط الجرعات إذا لزم الأمر. ويؤكد الخبراء أن الرعاية الطبية المنتظمة والالتزام بالعلاج الوقائي يساهمان في تمكين المرضى من السيطرة على المرض والعيش حياة طبيعية نسبيًا.
واختتمت نيناشيفا حديثها بالقول إن مرض الربو حالة مزمنة تتطلب وعيًا ومعرفة مستمرة من المريض، مشيرة إلى أن الاستخدام السليم للأدوية الوقائية، مع مراقبة الأعراض والالتزام بنمط حياة صحي، يمثل الطريقة الأكثر فعالية للسيطرة على المرض وتقليل المخاطر الصحية على المدى الطويل، وضمان حياة أكثر راحة ونشاطًا.