44
الدولار يهبط بالقرب من أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع ضمن تحركات أسعار العملات الأجنبية . شهدت أسواق العملات الأجنبية اليوم الأربعاء تباينًا ملحوظًا في أسعار العملات، حيث سجل الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا خلال التعاملات المبكرة في السوق الأوروبية، ليقترب من أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع.
هذا التراجع جاء في وقت حساس، وسط مجموعة من العوامل التي تضافرت لزيادة الضغط على العملة الأمريكية، أبرزها الانخفاضات في البيانات الاقتصادية الأمريكية، بالإضافة إلى تدخلات محتملة من بنوك مركزية في آسيا لمواجهة الضغوط على عملاتهم المحلية.
تراجع الدولار الأمريكي وسط مؤشرات ضعف اقتصادي
أظهرت البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة، التي صدرت يوم الثلاثاء، بعض المؤشرات السلبية التي ساهمت في الضغط على الدولار. حيث انخفضت أسعار المنازل في الولايات المتحدة في شهر أغسطس، وهو ما يعزى إلى تأثير ارتفاع معدلات الرهن العقاري التي أثرت بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين.
هذه الأخبار جاءت بعد صدور مؤشر مديري المشتريات، الذي أشار إلى تقلص النشاط التجاري في الولايات المتحدة للشهر الرابع على التوالي، مما يزيد من التكهنات بأن الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي بدأت تؤتي ثمارها في إضعاف الاقتصاد الأمريكي.
كما أن السوق يتوقع بشكل واسع أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في اجتماعه المقبل يوم الأربعاء، لكن ثمة توقعات متزايدة بأن الزيادات المستقبلية ستكون أقل حجمًا، وهو ما يعكس تراجع الضغوط التضخمية في الاقتصاد الأمريكي بشكل تدريجي.
تأثير السياسة النقدية في اليابان والصين على العملات
على الجانب الآخر من المحيط الهادئ، كانت الين الياباني واليوان الصيني في بؤرة الأحداث أيضًا. حيث شهد زوج الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني (USD/JPY) استقرارًا نسبيًا، بعدما تراجع بشكل طفيف إلى مستوى 147.94. هذا التراجع في الين الياباني يأتي بعد أن تجاوز الزوج مستوى 150 في وقت سابق، مما دفع إلى تدخل محتمل من قبل بنك اليابان في السوق، وسط مخاوف من تدهور العملة اليابانية.
ومن جهة أخرى، يتوقع الخبراء أن يبقي بنك اليابان على سياساته الفضفاضة دون تغيير في اجتماعه المرتقب يوم الجمعة المقبل، وهو ما سيتسبب في استمرار الضغط على الين الياباني. بحسب تقرير صادر عن آي إن جي، من غير المتوقع أن يشهد زوج الدولار الأمريكي / الين الياباني ارتفاعًا كبيرًا في المستقبل القريب، إلا إذا تغيرت التوقعات الاقتصادية في اليابان بشكل جذري.
أما بالنسبة لليوان الصيني، فقد سجل الدولار تراجعًا طفيفًا مقابل العملة الصينية، حيث انخفضت قيمة الدولار بنسبة 0.5% إلى مستوى 7.2690 يوان، بعد تدخل من البنوك الصينية لدعم اليوان في السوق.
تأتي هذه التحركات وسط مخاوف متزايدة من التأثيرات الاقتصادية السلبية الناتجة عن التوترات السياسية في الصين، بالإضافة إلى ضعف نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلاد خلال الربع الثالث من هذا العام.
العملات الأوروبية: الجنيه الاسترليني واليورو في حالة من الاستقرار
في الجهة المقابلة، شهدت العملات الأوروبية تحركات أكثر استقرارًا، مع ارتفاع الجنيه الاسترليني بنسبة 0.2% إلى 1.1486 دولار أمريكي، مستفيدًا من تعيين ريشي سوناك كزعيم جديد لبريطانيا، بعد استقالة ليز تراس. يعكس هذا الارتفاع بشكل جزئي تفاؤل الأسواق بحذر سوناك المالي ورؤيته الاقتصادية، على الرغم من أن هناك تحديات اقتصادية كبيرة أمام الحكومة البريطانية الجديدة.
أما اليورو فقد شهد أيضًا ارتفاعًا بنسبة 0.2% إلى 0.9979 دولار أمريكي، ليقترب من أعلى مستوى له في ستة أسابيع. هذا التحسن في اليورو يعزى بشكل رئيسي إلى ارتفاع ثقة المستهلك الفرنسي في أكتوبر إلى 82 نقطة، وهو ما يعد مؤشرًا إيجابيًا بالنظر إلى الأداء الاقتصادي في منطقة اليورو.
الدولار الأسترالي والنيوزيلندي: ارتفاعات وسط تضخم متزايد
في أسواق العملات الأخرى، سجل الدولار الأسترالي ارتفاعًا بنسبة 0.6% إلى 0.6432 دولار أمريكي، وهو أعلى مستوى له منذ بداية أكتوبر، في ظل التوقعات بزيادة الضغوط التضخمية في أستراليا، مما يزيد من احتمالية أن يبقي بنك الاحتياطي الأسترالي على سياسته النقدية المتشددة في اجتماعه المقبل.
من جهة أخرى، شهد الدولار النيوزيلندي أيضًا ارتفاعًا بنسبة 0.4% إلى 0.5775 دولار أمريكي، في ظل تحسن معنويات السوق وتحركات العملات الموازية.
في الختام، يبدو أن أسواق العملات تشهد فترة من التوترات والضغوط الناتجة عن مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية العالمية. الدولار الأمريكي يواجه ضغوطًا واضحة من البيانات الاقتصادية السلبية وتوقعات الأسواق بشأن السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
في حين أن التدخلات المحتملة من بنوك مركزية في آسيا تزيد من تعقيد المشهد في الوقت نفسه، يبقى التفاؤل قائمًا بالنسبة للعملات الأوروبية والأسترالية والنيوزيلندية، مما يعكس حالة من التوازن النسبي في أسواق العملات الأجنبية على المدى القصير.