الدعم النقدي يمكن المواطنين من شراء السلع وفق احتياجاتهم اليومية . شهدت الفترة الأخيرة العديد من النقاشات حول نظام الدعم النقدي كأداة اقتصادية لرفع مستوى معيشة المواطنين. وفقًا لما ذكره الدكتور صابر شاكر، أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة حلوان، فإن الانتقال إلى الدعم النقدي هو أحد المواضيع الجدلية التي تثير العديد من الآراء المختلفة.
ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن هذا التحول سيكون له آثار إيجابية على الاقتصاد، يرى آخرون أنه قد يؤدي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على المواطنين. لذا، فإن النقاش حول هذه القضية يعكس ضرورة فهم الآثار الاقتصادية والاجتماعية بشكل شامل.
أوضح الدكتور شاكر في مداخلة هاتفية لبرنامج “إكسترا نيوز” أن التحول إلى الدعم النقدي يحمل في طياته العديد من المزايا التي من شأنها أن تحسن من فعالية توزيع الدعم على المواطنين. من أبرز هذه المزايا هو تقليص التكاليف المرتبطة بالدعم العيني.
فعندما يتعامل الحكومات مع الدعم العيني، مثل تخصيص كميات معينة من السلع الأساسية مثل القمح أو الأرز، تتطلب هذه العمليات سلسلة من الإجراءات اللوجستية والإدارية التي تحمل تكاليف كبيرة. في حين أن التحول إلى الدعم النقدي يقلل من هذه التكاليف، مما يسهم في استدامة آلية الدعم على المدى البعيد.
وأشار الدكتور شاكر إلى أن الدعم النقدي يوفر للمواطن فرصة شراء السلع بناءً على احتياجاته الشخصية، وهو ما يتيح له مرونة أكبر في تحديد أولوياته. فبينما قد تكون بعض الأسر بحاجة إلى سلع أساسية مثل الأطعمة، قد تكون أسر أخرى في حاجة إلى شراء احتياجات مختلفة مثل الملابس أو الأدوية. وبالتالي، يتيح الدعم النقدي للمواطنين تحديد أولوياتهم بناءً على احتياجاتهم الشخصية، مما يحقق توزيعًا أكثر عدالة وفعالية.
رغم هذه المزايا، حذر الدكتور شاكر من بعض المخاوف التي قد تطرأ عند الانتقال إلى نظام الدعم النقدي، وأبرزها إمكانية ارتفاع الأسعار. ففي حالة تحرر السوق بشكل كامل أو زيادة الطلب على بعض السلع نتيجة الدعم النقدي، قد يحدث ارتفاع في أسعار السلع الأساسية.
وهذا من شأنه أن يؤثر سلبًا على القوة الشرائية للمواطنين، لا سيما في ظل ظروف اقتصادية صعبة. لكن الدكتور شاكر أشار إلى أنه يمكن وضع بعض الضمانات للتقليل من هذه المخاطر، مثل تحديد قيمة الدعم النقدي بشكل يتناسب مع الوضع الاقتصادي الحالي للدولة. وفي هذا السياق، يجب أن تتم مراقبة الأسعار بشكل دوري لضمان عدم تأثير ذلك على استقرار السوق المحلي.
ومن أهم النقاط التي شدد عليها أستاذ الاقتصاد الدولي هو ضرورة تخصيص الدعم النقدي بناءً على مستوى دخل الأسرة، حيث لا يمكن أن يتم تقديم الدعم بنفس القدر لجميع الأسر. ففي بعض الحالات، قد تكون بعض الأسر أكثر حاجة للدعم من غيرها، خاصة الأسر ذات الدخل المحدود أو الأسر التي تواجه تحديات اقتصادية أو صحية كبيرة.
لذلك، يجب تخصيص الدعم وفقًا لحالة كل أسرة، بحيث يتم منح الأسر ذات الدخل المنخفض أو التي تعيش في ظروف اقتصادية صعبة الدعم الكامل، بينما يتم تقليص الدعم للأسر ذات الدخل المرتفع. هذا التوزيع العادل للدعم يساهم في تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية ويساعد على رفع مستوى معيشة الفئات الأكثر احتياجًا.
إن التحول إلى الدعم النقدي هو خطوة مهمة تتطلب تقييمًا دقيقًا للظروف الاقتصادية والاجتماعية في الدولة، ويجب أن يكون هناك آلية رقابية تضمن توجيه الدعم إلى مستحقيه.
كما يجب أن تراعي السياسات الحكومية في هذا المجال المتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، وأن تضع حلولًا فعالة للتعامل مع التحديات التي قد تطرأ خلال تطبيق هذا النظام.
وبالنهاية، يظل الهدف الأساسي من هذه السياسات هو تحسين حياة المواطنين وتعزيز القدرة الشرائية للفئات الأكثر احتياجًا، وهو ما يتطلب التنسيق بين مختلف الجهات المعنية لضمان نجاح هذه المبادرات.