الدعم المقدم للسوريين: حاجة ملحة في الوقت الراهن . في إطار الأوضاع الإنسانية التي تعيشها سوريا منذ سنوات، أكدت رشا محرز، مديرة منظمة “أنقذوا الأطفال” في سوريا، أن الوضع الراهن في البلاد قد بلغ مرحلة غير مسبوقة من التدهور.
وتعد هذه التصريحات تأكيدًا على الأزمات المتواصلة التي يعاني منها الشعب السوري منذ اندلاع الحرب. وقد أشارت محرز خلال مداخلة لها مع قناة “القاهرة الإخبارية”، إلى أن الأوضاع الإنسانية في البلاد تتطلب تدخلًا عاجلًا على مختلف الأصعدة، لا سيما فيما يتعلق بمساعدة الأطفال، الذين يعدون من أكثر الفئات تأثرًا بالأزمة المستمرة.
وضع الأطفال في سوريا
في تصريحها، لفتت رشا محرز إلى أن الحاجة الملحة لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال تتزايد بشكل ملحوظ، خصوصًا في ظل الظروف القاسية التي يعاني منها هؤلاء الأطفال. فقد تعرض الأطفال في سوريا لمجموعة من التحديات النفسية والاجتماعية جراء الحرب والنزوح المستمر.
كثير من الأطفال قد فقدوا أحد أو كلا الوالدين أو تعرضوا للتهجير القسري من منازلهم. هذا بالإضافة إلى انقطاع التعليم في العديد من المناطق نتيجة الدمار الذي طال المدارس والبنى التحتية.
يعد الدعم النفسي للأطفال أمرًا بالغ الأهمية في هذه المرحلة، حيث أن التفاعل مع الأطفال ودعمهم بشكل نفسي يعزز من قدرتهم على التأقلم مع الظروف الصعبة. وأشارت محرز إلى أهمية تعزيز الجهود لتوفير التعليم للأطفال في بيئة آمنة ومستدامة، موضحة أن التعليم لا يعد فقط وسيلة لتنمية المهارات المعرفية، بل يعد أيضًا أداة لتحسين الحالة النفسية للأطفال، مما يساعد في بناء جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل.
جهود منظمة “أنقذوا الأطفال” في سوريا
تعمل منظمة “أنقذوا الأطفال” في سوريا بشكل وثيق مع العديد من المنظمات الإنسانية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد. الهدف الرئيس من هذا التعاون هو تعزيز آلية توزيع المساعدات الإنسانية وضمان وصولها إلى الفئات الأكثر حاجة في أسرع وقت ممكن. هذه المساعدات تشمل الغذاء، والمستلزمات الصحية، والأدوية، والمياه، وكذلك توفير البيئة التعليمية التي يحتاجها الأطفال الذين فقدوا الكثير من الفرص بسبب الظروف التي يمر بها وطنهم.
أكدت محرز أن التركيز الرئيس في الفترة الحالية ينصب على تقديم حياة كريمة للأطفال السوريين، وذلك من خلال تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء والمياه والرعاية الصحية. إذ أن توفير الغذاء الجيد والآمن للأطفال يعتبر أمرًا أساسيًا في بناء حياة صحية ومستقبل أفضل.
بالإضافة إلى ذلك، يشكل الحصول على الرعاية الصحية جزءًا من احتياجات الأطفال الأساسية، حيث أن العديد من الأطفال يعانون من مشاكل صحية بسبب انقطاع الخدمات الصحية في بعض المناطق.
التعليم وتوفير بيئة آمنة
من ضمن الأولويات التي تركز عليها منظمة “أنقذوا الأطفال” هو تأمين بيئة تعليمية آمنة للأطفال. فمع تدمير العديد من المدارس في مناطق الصراع، كان من الضروري توفير بدائل تعليمية للأطفال، سواء من خلال مدارس مؤقتة أو عبر الإنترنت حيثما كان ذلك ممكنًا. تعليم الأطفال في بيئة آمنة ومستقرة يساعد في تقوية إيمانهم بمستقبل أفضل، ويسهم في إعادة بناء قدراتهم العقلية والوجدانية التي تأثرت جراء الأحداث المأساوية.
تعمل المنظمة مع الجهات المحلية والدولية لضمان توفير أماكن تعليمية آمنة للأطفال، فضلًا عن تأهيل المعلمين وتوفير المناهج الدراسية المناسبة. كما أن جهودها تشمل أيضًا توفير الوعي والتثقيف للأطفال حول حقوقهم وكيفية حمايتها.
الدعم النفسي للأطفال
دعم الأطفال نفسيًا يعد من الأمور التي تركز عليها منظمة “أنقذوا الأطفال”، وذلك لما له من تأثير إيجابي على تنمية الشخصية والقدرة على التكيف. فالأطفال الذين يعيشون في مناطق الحرب يعانون من القلق والخوف المستمر من الموت، وقد يتعرضون لأحداث صادمة تؤثر على صحتهم النفسية.
تعمل منظمة “أنقذوا الأطفال” على تقديم برامج دعم نفسي للأطفال من خلال جلسات توعية وتقديم الدعم العاطفي، كما تسعى لتحسين مهارات الأطفال في التعامل مع التوتر والقلق.
أهمية التعاون الدولي والإقليمي
أوضحت رشا محرز أن الوضع الحالي يتطلب مزيدًا من التعاون بين الدول والمنظمات الإنسانية في المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم للأطفال السوريين. التعاون الدولي يمكن أن يساهم في تسريع عملية تقديم المساعدات الإنسانية وضمان وصولها إلى الأماكن التي تعاني من نقص حاد في المواد الغذائية والرعاية الصحية.
التعاون بين المنظمات الإنسانية والإقليمية يمكن أن يكون عاملاً حاسمًا في توفير المساعدات بشكل عادل وفعال، بالإضافة إلى التنسيق بين الدول المانحة للحصول على تمويلات كافية لتنفيذ مشاريع الدعم والإغاثة.
كما أضافت محرز أن الدعم الدولي يجب أن يشمل أيضًا تقديم دعم مادي وتقني لتطوير مشاريع إعادة بناء البنية التحتية في سوريا، بما في ذلك المدارس والمراكز الصحية. هذا النوع من الدعم يمكن أن يسهم بشكل مباشر في تحسين الأوضاع الإنسانية بشكل عام.
الآفاق المستقبلية
تسعى منظمة “أنقذوا الأطفال” إلى تحسين حياة الأطفال السوريين على المدى الطويل. فالأزمة السورية لا تقتصر على تقديم الدعم المؤقت، بل تحتاج أيضًا إلى حلول مستدامة لتحسين الوضع التعليمي والصحي للأطفال. المنظمة تسعى إلى خلق فرص مستقبلية للأطفال السوريين من خلال توفير التعليم المناسب، ودعم المهارات، وتعزيز التفاعل الاجتماعي بين الأطفال في ظل الأوضاع التي يمرون بها.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل المنظمة على تعزيز التعاون بين المجتمع الدولي والمحلي في مجال دعم الأطفال، من خلال إقامة شراكات مستدامة مع الحكومات المحلية والمجتمع المدني. كما تسعى إلى تحسين جودة الخدمات التعليمية والصحية في سوريا، مما سيعود بالنفع ليس فقط على الأطفال في الوقت الحالي، بل أيضًا على الأجيال القادمة.
إن الوضع الراهن في سوريا يتطلب دعمًا دوليًا وإقليميًا عاجلًا من أجل توفير حياة كريمة للأطفال الذين عانوا كثيرًا نتيجة الحرب والنزوح. ومن خلال التنسيق بين المنظمات الإنسانية والحكومات المحلية والدولية، يمكن تحقيق تغييرات إيجابية وتحسين الأوضاع المعيشية للأطفال السوريين. إن تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وتوفير التعليم والرعاية الصحية في بيئة آمنة، هي عناصر أساسية لضمان مستقبل أفضل للأطفال في سوريا.