هذه الخطوة تأتي في إطار استراتيجية الدولة لتعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، باعتباره أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية المرتبطة مباشرة بـ”رغيف العيش المدعم“، الذي يمثل أحد ركائز منظومة الدعم الاجتماعي في مصر.
وخلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية كريمة عوض في برنامج حديث القاهرة على قناة القاهرة والناس، أوضح وزير الزراعة أن الحكومة اتخذت إجراءات عملية لدعم المزارعين وتشجيعهم على زيادة المساحات المزروعة بالقمح.
ومن أبرز هذه الخطوات رفع سعر توريد القمح من 2200 إلى 2350 جنيهًا للإردب، وهو سعر يزيد عن المستويات العالمية التي تتراوح بين 1800 و1850 جنيهًا للإردب، مما يعكس بوضوح رغبة الدولة في تحفيز الفلاح المصري وتقديم حوافز حقيقية تجعل زراعة القمح خيارًا مربحًا ومستدامًا.
وأشار الوزير إلى أن هذه الزيادة في السعر ليست مجرد خطوة اقتصادية، بل تمثل رسالة دعم قوية للفلاحين المصريين الذين يشكلون العمود الفقري للأمن الغذائي الوطني.
وأوضح أن الوزارة تعمل على توفير جميع المقومات التي تضمن نجاح موسم القمح الجديد، من بذور محسّنة عالية الإنتاجية، وتسهيلات في توفير الأسمدة والمبيدات، ودعم فني مستمر من الجمعيات الزراعية والإدارات المحلية.
كما تحدث الوزير عن الدور المحوري الذي يقوم به مركز البحوث الزراعية في تطوير سلالات جديدة من القمح المصري تمتاز بقدرتها العالية على مقاومة الأمراض والظروف المناخية القاسية، إلى جانب زيادة الإنتاجية وتحسين جودة الحبوب.
وأكد أن هذه الجهود العلمية تمثل ركيزة أساسية في استراتيجية الدولة للتوسع الأفقي والرأسي في الزراعة، التي تشمل استصلاح أراضٍ جديدة وزيادة إنتاجية الفدان الواحد في الوقت نفسه.
وتطرق فاروق إلى مشروع “مستقبل مصر” الزراعي باعتباره أحد أهم المشروعات القومية التي ساهمت بشكل ملموس في تعزيز قدرات الدولة الزراعية خلال السنوات الماضية، حيث أتاح المشروع إضافة مساحات ضخمة من الأراضي الصالحة للزراعة في مناطق جديدة، إلى جانب إدخال نظم ري حديثة وتقنيات زراعية متطورة.
وأشار إلى أن هذه الجهود جاءت بتوجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وضع قضية الأمن الغذائي ضمن أولويات الدولة خلال العقد الأخير، مما انعكس إيجابًا على حجم الإنتاج الزراعي المحلي، خاصة في المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والقطن.
وفي سياق متصل، شدد الوزير على أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح لم يعد هدفًا بعيد المنال، خاصة في ظل الخطط الحكومية المتكاملة التي تربط بين زيادة المساحات المزروعة وتحسين الإنتاجية وتطوير منظومة التخزين والتوريد.
كما أشار إلى أن الوزارة تعمل بالتعاون مع الجهات المعنية على تطوير الصوامع والمخازن الحديثة لتقليل الفاقد من المحصول والحفاظ على جودته أطول فترة ممكنة، بما يسهم في تعزيز المخزون الاستراتيجي للدولة من القمح.
ويرى مراقبون وخبراء في الشأن الزراعي أن رفع سعر توريد القمح يمثل خطوة مهمة في تحسين العلاقة بين الدولة والمزارع، لأنه يضمن عائدًا اقتصاديًا مجزيًا ويحفز الفلاحين على الالتزام بزراعة القمح وتسليمه للدولة بدلًا من اللجوء إلى محاصيل بديلة ذات ربح سريع.
كما يؤكد الخبراء أن نجاح هذه الخطة يعتمد بشكل كبير على توفير الدعم الفني واللوجستي المستمر للفلاحين في جميع مراحل الزراعة والحصاد والتوريد.
ومن المتوقع أن يسهم موسم القمح الجديد في رفع معدلات الإنتاج المحلي وتقليص فجوة الاستيراد خلال العام المقبل، خاصة مع التوسع في استخدام الأساليب الزراعية الحديثة التي تعتمد على الري بالتنقيط والزراعة الذكية لتقليل الهدر في المياه وتحسين كفاءة الإنتاج.
في المحصلة، يعكس هذا التوجه الحكومي رؤية واضحة نحو بناء منظومة زراعية أكثر استدامة، تهدف إلى تأمين احتياجات المواطنين من الغذاء، وتوفير فرص عمل جديدة في الريف المصري، ودعم الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز الاعتماد على الإنتاج المحلي وتقليل فاتورة الاستيراد.
وبينما تتجه الدولة بخطى واثقة نحو موسم زراعي واعد، يبقى القمح عنوانًا رئيسيًا للسيادة الغذائية، ورمزًا لقدرة مصر على تحقيق التوازن بين الدعم الاجتماعي والتنمية الاقتصادية.