الحرب الأوكرانية تحت إدارة ترامب سيناريوهات محتملة للمرحلة القادمة . في مداخلة هاتفية مع قناة “القاهرة الإخبارية”، قدم الدكتور أشرف سنجر، خبير السياسات الدولية، تحليلًا هامًا بشأن التوقعات المتعلقة بإدارة الرئيس الأمريكي المقبل دونالد ترامب، وتأثير ذلك على الحرب الأوكرانية. مع وصول ترامب إلى السلطة في 20 يناير 2025، بدأ الحديث يتزايد حول ما إذا كان بإمكانه التوصل إلى حلول سريعة لهذه الأزمة العالمية.
في بداية الأمر، كانت هناك آمال كبيرة في أنه سيكون قادرًا على إنهاء الحرب في غضون أيام معدودة، ولكن مع مرور الوقت، بدأ هذا التفاؤل يتبدد لتظهر الصورة الأكثر تعقيدًا، والتي تؤكد أن الحرب الأوكرانية قد تستمر لفترة أطول مما كان متوقعًا في البداية.
في البداية، كان ترامب قد أشار إلى أنه سيعمل على إنهاء الصراع الأوكراني في وقت قياسي بمجرد توليه منصب الرئاسة. كانت هذه التصريحات تستند إلى فكرة أن ترامب، بمواقفه الصارمة تجاه روسيا، يمكنه الوصول إلى تسوية سريعة، ربما في غضون أيام أو أسابيع قليلة.
ومع ذلك، مع مرور الوقت وارتفاع تعقيد الأزمة على الأرض، أعلن ترامب أن الأمر قد يستغرق ما يصل إلى ستة أشهر لإيجاد حل فعال، وقد يطول الأمر أكثر من ذلك. وهذا التطور يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه الإدارة الأمريكية المقبلة في إدارة هذا الصراع المستمر منذ أكثر من عام.
وأوضح د. سنجر أن السيناريو الأكثر احتمالًا في الفترة القادمة هو أن الحرب الأوكرانية ستستمر لفترة أطول، حتى في فترة ولاية ترامب الثانية. فمع تزايد تعقيدات الحرب، من المستبعد أن يتمكن ترامب من إنهاء النزاع بسهولة كما كان يظن في البداية.
وقد أضاف أن استمرار هذا الصراع سيكون نتيجة للعديد من العوامل السياسية والعسكرية المعقدة التي تواجه الولايات المتحدة، وفي مقدمتها الانقسام الداخلي في السياسة الأمريكية، فضلًا عن الدعم المستمر الذي تقدمه بعض الأطراف في الكونغرس الأمريكي، وخاصة الجمهوريين، لأوكرانيا.
ولفت سنجر إلى أن الحرب الأوكرانية لا تتعلق فقط برغبات الرئيس الأمريكي، بل هي قضية متعددة الأطراف تشمل قوى دولية أخرى مثل روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى المؤثرات الداخلية الأمريكية. بينما يسعى ترامب لتحقيق تسوية، فإن الكونغرس الأمريكي وداخل الحزب الجمهوري يظل لديهم دعم قوي لأوكرانيا.
وهو ما يجعل إيجاد تسوية سياسية أو حل سريع لهذه الحرب أمرًا أكثر تعقيدًا. تساءل سنجر عما إذا كان ترامب سيكون قادرًا على إقناع الأطراف المتورطة في الصراع بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، وما إذا كان سيتمكن من التوسط في الاتفاقيات التي تضمن شروطًا مقبولة من جميع الأطراف.
وأشار سنجر إلى أن قدرة ترامب على حل النزاعات الدولية قد تكون موضع تساؤل. فقد أشار إلى تجربته السابقة مع كوريا الشمالية، حيث أجرى عدة اجتماعات مع الزعيم كيم جونج أون، ولكن بالرغم من هذه المحاولات، لم تتوقف كوريا الشمالية عن تطوير أسلحتها النووية وإجراء تجارب صاروخية. هذه التجربة قد تعطي انطباعًا عن محدودية فعالية سياسة ترامب في إنهاء النزاعات الدولية بشكل سريع.
وتابع سنجر بالقول إن ترامب، الذي أبدى اهتمامًا كبيرًا بالتعامل مع التهديدات الصينية، قد يواجه تحديات في الموازنة بين مواقفه المتشددة تجاه الصين ورغبته في تجنب التصعيد مع روسيا.
في حين أن ترامب يسعى لتحقيق هدفه الرئيسي في مواجهة الصين، فإن تفاعلاته مع روسيا وأوكرانيا ستظل تتأثر بالعديد من العوامل، بما في ذلك الضغوط الداخلية الأمريكية وأوضاع السوق العالمية. وأوضح سنجر أنه من المهم أيضًا أن نلاحظ أن مراكز الفكر داخل الولايات المتحدة تراقب عن كثب تحركات السياسة الخارجية لإدارة ترامب، وذلك لتقديم استراتيجيات تدعم هذه التحركات.
ويختتم سنجر تحليله بتأكيده أن إدارة ترامب قد تواجه تحديات هائلة في التعامل مع الأزمة الأوكرانية. قد تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة إلى التكيف مع الوضع الراهن في الحرب، إذ لن يكون من السهل إحداث تغيير سريع أو جذري. ورغم ذلك، يبقى السؤال الأساسي: هل سيتمكن ترامب من إقناع روسيا وأوكرانيا بالتفاوض، أم أن الحرب ستستمر لفترة أطول، ويكون من الصعب الوصول إلى تسوية دائمة؟
وفي النهاية، يمكن القول إن مواقف ترامب من الحرب الأوكرانية ستكون محورية في تحديد مستقبل النزاع. وبينما يبدو أن الظروف الداخلية والخارجية تتغير باستمرار، فإن المدى الذي يمكن أن تبلغه السياسة الأمريكية في ظل ترامب سيكون حاسمًا في تحقيق أي نوع من التسوية. وعلى الرغم من التحديات العديدة التي تواجهه، يبقى الأمل في أن السياسة الأمريكية تحت إدارته قد تساهم في إيجاد حلول للنزاع الأوكراني – الروسي.