التكنولوجيا في خدمة الحروب الإجرامية الواقع والمخاطر . استخدام التكنولوجيا في الحروب الإجرامية: تطور التحالفات والتحديات الأخلاقية أكد رودي شوشاني، استشاري تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي، في مداخلة مع قناة “القاهرة الإخبارية”، أن التعاون المتزايد بين شركات كبرى مثل “ميكروسوفت” و”جوجل” مع الجيوش العسكرية، وخاصة جيش الاحتلال، قد شهد تحولًا جذريًا في السنوات الأخيرة.
وأشار إلى أن الشركات الكبرى أصبحت تلعب دورًا محوريًا في الحروب الحديثة، وليس فقط في تقديم تقنيات جديدة، بل في تأثيرها العميق على سير المعارك والسياسات العسكرية.
وفي سياق حديثه، أشار شوشاني إلى أن هذه الشركات، وعلى الرغم من تأثيرها الكبير على مجريات الحروب، قد واجهت انتقادات داخلية. ففي وقت سابق، استقال العديد من موظفي “جوجل” اعتراضًا على استخدام البيانات الضخمة في حروب غير أخلاقية، حيث تم توظيف هذه البيانات في تعزيز سياسات عسكرية إجرامية. وهو ما يعكس تزايد القلق حول استغلال التكنولوجيا في تحقيق أهداف عسكرية تتناقض مع المبادئ الأخلاقية الأساسية.
وأشار شوشاني إلى أن الأمم المتحدة تحاول ضبط هذه الممارسات، وأن هناك محاولات لضبط الأنشطة التكنولوجية عبر الشركات الكبرى. ولكن، على الرغم من تلك المحاولات، فشلت هذه الجهود في وضع حدود واضحة لاستخدام التكنولوجيا في الحروب غير الأخلاقية.
وأكد أنه ما زالت هناك أصوات من داخل هذه الشركات تدعو إلى ضرورة تحديد خطوط حمراء في استخدام التقنيات الحديثة، خصوصًا بعد أن اتضح أن هذه التقنيات قد تُستخدم في صراعات إقليمية ودولية مثل الحرب في أوكرانيا وروسيا، فضلاً عن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
وفيما يخص الذكاء الاصطناعي، تحدث شوشاني عن التطورات المذهلة التي شهدها هذا المجال. إذ أصبح الذكاء الاصطناعي واحدًا من الأدوات الحاسمة في الحروب الحديثة، لا سيما في ما يتعلق بالاستخبارات العسكرية والتحليل الأمني.
وتابع شوشاني أن هناك موجة استثمارات ضخمة في تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة، التي تُستخدم لتحسين قدرة الجيوش على جمع المعلومات وتنفيذ العمليات المعقدة. ومع تزايد هذه الاستثمارات، باتت الحوسبة المتقدمة أداة قوية في توفير تقارير استخبارية دقيقة وتقديم الدعم اللوجستي للعمليات العسكرية.
من جهة أخرى، أشار شوشاني إلى أن التكنولوجيا الحديثة، مثل الهواتف المحمولة، أصبحت تُستخدم كأدوات للتنصت والمراقبة، مما يعكس تحولًا آخر في ساحة الحروب. لم يعد الهاتف المحمول مجرد وسيلة للتواصل الاجتماعي أو الترفيه، بل أصبح جهازًا حساسًا يُستغل من قبل الأجهزة الأمنية والجيوش لاستخراج المعلومات الحساسة.
هذه الممارسات تؤثر بشكل كبير في سير الحروب، حيث يتم استخدام المعلومات المجمعة من هذه الأجهزة في عمليات اغتيالات سياسية أو لتوجيه الضغوط على الخصوم. والأمر الذي يزيد من تعقيد هذه القضية هو غياب الشفافية والمسؤولية في استخدام هذه التقنيات، مما يعزز المخاوف حول استخدامها في انتهاك حقوق الإنسان.
وبذلك، يتبين أن التكنولوجيا الحديثة، وخاصة الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، قد أصبحت سيفًا ذا حدين. من جهة، توفر هذه التقنيات مزايا استراتيجية واستخباراتية مهمة، لكن من جهة أخرى، تُسهم في إحداث تحولات قد لا تكون أخلاقية في النزاعات العسكرية. ومع تزايد نفوذ هذه الشركات في المجال العسكري، فإن المسؤولية الملقاة على عاتقها تتزايد، ما يفتح الباب أمام أسئلة حول كيفية ضبط هذه التكنولوجيا وتحديد نطاق استخدامها في الحروب.