البوتوكس والفيلر مغامرة نحو الجمال الزائف قد تؤدي إلى عواقب خطيرة (فيديو) . في السنوات الأخيرة، تحولت عمليات التجميل غير الجراحية مثل الفيلر والبوتوكس من مجرد أدوات لتحسين المظهر، إلى ظاهرة واسعة الانتشار، لا سيما بين الشباب، مدفوعة بالرغبة الجامحة في الوصول إلى معايير جمالية مصطنعة تروج لها مواقع التواصل الاجتماعي. لكن خلف هذه الظاهرة، تكمن مخاطر صحية جسيمة حذّر منها أطباء ومتخصصون.
ومن بين أبرز الأصوات التي نبهت إلى خطورة هذه الموجة، كانت الدكتورة أغاريد الجمال، استشاري الأمراض الجلدية، التي أكدت خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “مع خيري” على قناة المحور، أن ما نشهده اليوم هو هوس غير مسبوق بعمليات الحقن التجميلي، في ظل سعي البعض إلى مظهر مثالي زائف، حتى لو كان ذلك على حساب صحتهم وسلامتهم.
تحول الفيلر والبوتوكس من تجميل إلى إدمان
وأشارت الجمال إلى أن استخدام هذه التقنيات لم يعد مقتصرًا على الحالات الطبية أو التجميلية المحدودة، بل أصبح لدى البعض نوعًا من الإدمان السلوكي، إذ يخضع الأفراد مرارًا وتكرارًا لجلسات الحقن دون وجود دوافع طبية حقيقية، وفي كثير من الأحيان دون التأكد من خبرة أو ترخيص من يقوم بالإجراء.
وقالت: “لقد أصبح البعض يتعامل مع البوتوكس والفيلر كأنها علاجات روتينية، دون الالتفات إلى المخاطر، ودون سؤال: من هو الطبيب؟ وأين يتم الحقن؟ وما هي المواد المستخدمة؟”.
مخاطر صحية تهدد الحياة
وأكدت الجمال أن مضاعفات هذه الإجراءات قد تكون خطيرة جدًا، حيث تشمل مشاكل مثل الالتهابات، والتحسس، وتكون التكتلات تحت الجلد، بل وقد تصل في بعض الحالات إلى الجلطات الدموية التي تؤدي إلى العمى أو حتى الوفاة، خاصة عند الحقن في مناطق حساسة من الوجه.
وما يزيد من خطورة هذه الظاهرة، هو انتشار المراكز غير المرخصة، واستخدام مواد تجميلية مجهولة المصدر، ما يفتح الباب أمام كوارث طبية قد يصعب علاجها لاحقًا.
الإعلام والسوشيال ميديا: وقود الهوس
يرى بعض المتخصصين أن الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورًا كبيرًا في تعزيز الهوس بالجمال الزائف. فقد أصبحت صور المؤثرين والمشاهير، التي غالبًا ما يتم تعديلها رقميًا، المعيار الجمالي السائد، ما يدفع الكثيرين، وخاصة الشابات في سن المراهقة، إلى اتخاذ قرارات غير محسوبة بشأن أجسادهن ومظهرهن.
وتؤكد الجمال أن هذه الضغوط الاجتماعية قد تكون أكثر خطورة من العوامل البيولوجية، إذ تقود الأفراد إلى اتخاذ خطوات تجميلية متسرعة دون فهم حقيقي لتبعاتها.
ضرورة العودة للجمال الطبيعي
وتشدد الدكتورة أغاريد الجمال على ضرورة إعادة النظر في مفهوم الجمال، والعودة إلى تقدير الجمال الطبيعي، بكل ما يحمله من تنوع وتفرّد. وقالت: “الجمال لا يجب أن يكون نسخة مكررة من صور السوشيال ميديا. التميز في الشكل جزء من الهوية، والتدخلات التجميلية يجب أن تبقى في إطارها الطبي الدقيق، لا أن تتحول إلى إدمان يهدد أرواح الناس”.
كما طالبت بضرورة رفع الوعي المجتمعي بمخاطر هذه الإجراءات، وفرض رقابة صارمة على المراكز التي تقدم خدمات التجميل، مع التشديد على أهمية إجراء الفحوصات اللازمة قبل الخضوع لأي نوع من أنواع الحقن.
متى يكون البوتوكس أو الفيلر آمنًا؟
بحسب الأطباء، فإن استخدام الفيلر والبوتوكس يمكن أن يكون آمنًا وفعّالًا إذا تم وفق معايير طبية واضحة، وتحت إشراف أطباء متخصصين ومعتمدين. فالبوتوكس، مثلًا، يُستخدم في علاج بعض الحالات الطبية مثل الصداع النصفي المزمن أو فرط التعرق، بينما يُستخدم الفيلر لتعويض فقدان الحجم في الوجه نتيجة التقدم في السن.
لكن حتى في هذه الحالات، يجب أن تكون المواد المستخدمة معتمدة من الهيئات الصحية، ويجب التحقق من تاريخ الحالة الصحية للمريض لتجنب أي تفاعلات غير متوقعة.
نصائح للوقاية قبل الإقدام على الحقن التجميلي
استشارة طبيب مختص ومعتمد قبل اتخاذ القرار.
عدم الخضوع لأي إجراء في صالونات أو مراكز غير طبية.
التحقق من نوع المادة المستخدمة وتاريخ صلاحيتها.
قراءة المراجعات والتجارب السابقة للمركز أو الطبيب.
التفكير مرتين قبل اتخاذ القرار: هل هو للضرورة أم فقط لمجاراة الموضة؟
مراقبة العلامات التحذيرية بعد الحقن مثل الألم الشديد أو تغير لون الجلد.
في نهاية المطاف، تظل الرسالة الأهم التي وجّهتها الدكتورة أغاريد الجمال هي أن الجمال الحقيقي لا يأتي بالإبر، ولا يمكن الوصول إليه عبر الحقن الكيميائية. الجمال ينبع من الثقة بالنفس، وقبول الذات، والاهتمام بالصحة، وليس من مراكز التجميل أو صالونات الموضة.
تبقى دعوة الأطباء واضحة: علينا وقف هذا الهوس الجماعي بالجمال الزائف، وإعادة التفكير في الصورة التي نريد أن نكون عليها، بعيدًا عن مخاطر رحلة قد تنتهي بأثمان باهظة… لا تُقاس فقط بالمال، بل بالصحة وربما الحياة.