البنك المركزي يعرض أسباب تراجع التضخم في نوفمبر . في نوفمبر 2024، شهد الاقتصاد المصري تحسّنًا ملحوظًا في معدل التضخم العام، حيث تراجع المعدل السنوي للتضخم في الحضر إلى 25.5% مقارنةً بـ 26.5% في أكتوبر من نفس العام. وقد عزت التقارير الاقتصادية هذا التراجع إلى انخفاض أسعار السلع الغذائية، وبالأخص الخضروات الطازجة التي شهدت أكبر انخفاض لها منذ يوليو 2022.
تحليل معدل التضخم العام والتضخم الأساسي
البنك المركزي المصري كشف عن أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي سجل تراجعًا أيضًا، حيث بلغ 23.7% في نوفمبر مقارنة بـ 24.4% في أكتوبر. وهذا يشير إلى تحسن في السيطرة على الأسعار الأساسية للسلع، وهو ما يعكس الجهود المستمرة من الحكومة والبنك المركزي لمكافحة التضخم.
وفيما يتعلق بالمعدل الشهري للتضخم الأساسي، فقد سجل 0.4% في نوفمبر 2024، في حين كان قد وصل إلى 1.3% في أكتوبر 2024 و1% في نوفمبر 2023، مما يظهر تراجعًا مستمرًا في تكاليف السلع الأساسية.
هذا التراجع في التضخم العام، خصوصًا في معدلات التضخم الأساسي، يعكس بشكل جزئي انخفاض أسعار بعض السلع الغذائية الأساسية، مثل الدواجن والبيض. ولكن في نفس الوقت، ارتفعت أسعار بعض السلع والخدمات الأخرى مثل الإيجارات، مما قلل من تأثير الانخفاض في الأسعار الغذائية على التضخم الكلي.
التحولات في أسعار السلع الرئيسية
من أبرز التطورات في نوفمبر 2024 كان انخفاض أسعار الخضروات الطازجة بنسبة 11.8%، وهي أكبر انخفاض منذ يوليو 2022. هذا الانخفاض ساهم بشكل رئيسي في الحد من التضخم العام، حيث كان له تأثير سالب بمقدار 0.56 نقطة مئوية في المعدل الشهري للتضخم. وفي المقابل، ارتفعت أسعار الفاكهة الطازجة بنسبة 3.3%، مما ساهم بشكل إيجابي في التضخم بنحو 0.06 نقطة مئوية.
كما شهدت أسعار السلع الغذائية الأخرى مثل الدواجن والبيض انخفاضًا بنسبة 6.3% و2.3% على التوالي، مما ساهم بدوره في تقليص التضخم العام. وبالرغم من ذلك، ارتفعت أسعار بعض السلع الاستهلاكية مثل الزيوت والدهون بنسبة 2%، مما أدى إلى مساهمة سلبية بلغت 0.06 نقطة مئوية في المعدل الشهري للتضخم العام.
العوامل المؤثرة في ارتفاع التضخم
على الرغم من الانخفاضات في بعض السلع الأساسية، كان هناك بعض العوامل التي أدت إلى ارتفاع التضخم. على رأس تلك العوامل الزيادة في أسعار السلع والخدمات المحددة إدارياً مثل الوقود، النقل البري، السجائر، وأسطوانات البوتوجاز. سجلت هذه السلع زيادة بنسبة 3.8%، مما ساهم في زيادة المعدل الشهري للتضخم العام بمقدار 0.77 نقطة مئوية.
كما شهدت أسعار بعض الخدمات زيادات ملحوظة، حيث ارتفعت بنسبة 1.2%، مما ساهم بمقدار 0.32 نقطة مئوية في التضخم العام. ويعزى هذا الارتفاع إلى زيادة الإنفاق على خدمات المطاعم والمقاهي وارتفاع الإيجارات والخدمات الأخرى التي تتأثر بالطلب المحلي.
التضخم في الريف والمناطق الحضرية
على مستوى التضخم في الريف، تراجع المعدل السنوي إلى 24.4% في نوفمبر 2024، مقارنةً بـ 26.1% في أكتوبر 2024. أما في إجمالي الجمهورية، فقد انخفض معدل التضخم السنوي إلى 25% في نوفمبر، مقارنة بـ 26.3% في الشهر السابق. هذا التراجع في التضخم كان مدفوعًا بالانخفاض الكبير في أسعار بعض السلع الغذائية الأساسية، التي أثرت بشكل أكبر في المناطق الريفية.
تأثير السياسات الحكومية والبنك المركزي
البنك المركزي المصري يلعب دورًا حاسمًا في اتخاذ القرارات الاقتصادية الخاصة بالسياسة النقدية، حيث يسعى للحد من التضخم من خلال تعديل أسعار الفائدة. ومع التراجع التدريجي في معدل التضخم، هناك أمل في أن تستمر السياسات النقدية في تحقيق التوازن بين مكافحة التضخم ودعم النمو الاقتصادي.
وقد شهدت مصر جهودًا مستمرة للسيطرة على التضخم، بدءًا من رفع أسعار الفائدة وتعديل السياسات المالية، إلى اتخاذ خطوات أخرى مثل توفير السلع الغذائية الأساسية بأسعار مدعمة من قبل الدولة، بالإضافة إلى زيادة دعم البنوك للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
التحليل المستقبلي لتوقعات التضخم
بناءً على التقارير الأخيرة، فإن تطور التضخم في الأشهر المقبلة يعتمد على مجموعة من العوامل المتشابكة مثل تقلبات أسعار السلع الغذائية، سياسات البنك المركزي، وأثر العوامل الاقتصادية العالمية مثل أسعار النفط. إذ تشير التوقعات إلى أن الانخفاض المستمر في أسعار السلع الغذائية سيكون له تأثير إيجابي على التضخم، بينما الزيادة في أسعار السلع والخدمات المحددة إدارياً قد تحد من تأثير هذه التراجعات على مستوى التضخم العام.
تعد هذه الأرقام والتحليلات مؤشراً إيجابيًا على قدرة البنك المركزي والحكومة على التعامل مع تحديات التضخم، ولكن لا يزال هناك حاجة لمواصلة مراقبة الأسعار وضمان استقرار الأسعار للأسر المصرية بشكل مستدام في المستقبل.