البرلمان المصري يقر اتفاقية تمويل توريد القمح إلى وزارة التموين . في خطوة هامة تهدف إلى تعزيز استقرار الأمن الغذائي في مصر، وافق مجلس النواب، وبصفة نهائية، على قرار رئيس الجمهورية رقم 533 لسنة 2023، الذي يتعلق بالموافقة على الاتفاقية الإطارية بين الحكومة المصرية ومكتب أبوظبي للصادرات. وتستهدف هذه الاتفاقية تمويل توريد القمح إلى الهيئة العامة للسلع التموينية، وذلك لتلبية احتياجات السوق المحلي من القمح، الذي يعد أحد المحاصيل الأساسية في الغذاء المصري.
تفاصيل الاتفاقية
تأتي هذه الموافقة خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، التي عقدت برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، في خطوة تشكل جزءاً من الجهود المستمرة لضمان تأمين الإمدادات الغذائية في مصر. خلال الجلسة، ناقش النواب تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الاقتصادية، ومكتبي لجنتي الخطة والموازنة، والعلاقات الخارجية بشأن قرار الرئيس رقم 533 لسنة 2023.
من جانبه، تحدث النائب هشام الحصري، رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، خلال الجلسة، مؤكدًا أهمية هذا القرار في سياق تعزيز الأمن الغذائي للمواطنين. وأشار الحصري إلى أن توفير الغذاء للمواطنين هو أحد المقومات الأساسية للأمن القومي المصري، وهو ما يعكس حرص الدولة على استقرار الوضع الغذائي، بما يتواكب مع تحديات العصر الحالي.
وأضاف الحصري أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يعمل جاهدًا على تعزيز الأمن الغذائي في مصر من خلال تنفيذ مشروعات استراتيجية، سواء كانت أفقية أو رأسية في القطاع الزراعي. هذه المشروعات تهدف إلى زيادة الإنتاج المحلي من المحاصيل الزراعية في ظل التحديات المستمرة التي يواجهها القطاع الزراعي في مصر، مثل التغيرات المناخية، ونقص المياه، وارتفاع درجات الملوحة في التربة. وهذه التحديات تستدعي التفكير في حلول مبتكرة لضمان الاكتفاء الذاتي النسبي من المواد الغذائية الأساسية.
تعزيز العلاقات مع الإمارات
لم تقتصر فائدة الاتفاقية على الجوانب الاقتصادية فقط، بل كان لها دور كبير في تعزيز العلاقات بين مصر والإمارات العربية المتحدة، التي شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. وأشار النائب هشام الحصري إلى أن هذه الاتفاقية تسهم بشكل فعال في تعزيز أواصر التعاون بين البلدين في مجال الأمن الغذائي، وهو ما يعكس تنامي التعاون الاستراتيجي بين مصر والإمارات في مختلف المجالات.
وتعتبر الإمارات من الشركاء الرئيسيين لمصر في مجال التمويل والاستثمار في العديد من القطاعات الحيوية، وقد سعت الإمارات دائمًا لدعم مصر في مواجهة التحديات الاقتصادية، خاصة في مجال الأمن الغذائي. ومن هنا، فإن هذه الاتفاقية تعتبر خطوة إضافية نحو تعزيز هذا التعاون الثنائي وتوسيع آفاقه.
تعزيز المخزون الاستراتيجي للقمح
على صعيد آخر، ركز الحصري في حديثه على أهمية هذه الاتفاقية في تعزيز المخزون الاستراتيجي للقمح، الذي يعد أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية التي تعتمد عليها مصر بشكل رئيسي لتوفير احتياجات المواطنين. ويعتبر القمح من المواد الأساسية في إنتاج الخبز، وهو أحد المكونات الرئيسية لمنتجات الطحين، مما يجعله عنصرًا حيويًا في استراتيجية الأمن الغذائي.
إن اتفاقية التمويل هذه تعكس التزام الحكومة المصرية بتأمين احتياجاتها من القمح وتحقيق استقرار في السوق المحلي. يساهم هذا الاتفاق في تعزيز قدرة الهيئة العامة للسلع التموينية على تلبية الطلب المتزايد على القمح في ظل الزيادة السكانية المستمرة، وهو ما يشكل ضمانًا لعدم تعرض السوق لأزمات نقص أو ارتفاع أسعار مفاجئ.
الأمن الغذائي في مواجهة التحديات المستقبلية
إن التحديات التي تواجه مصر في مجال الأمن الغذائي أصبحت أكثر تعقيدًا في السنوات الأخيرة، بسبب الظروف الاقتصادية العالمية، والتغيرات المناخية، إضافة إلى التحديات المحلية مثل نقص المياه وارتفاع درجات الملوحة في الأراضي الزراعية. هذه العوامل تتطلب تخطيطًا دقيقًا ومبكرًا لضمان توفير الموارد الغذائية الأساسية، وهو ما تؤكده الحكومة المصرية من خلال توقيع هذه الاتفاقيات الحيوية.
وتعد هذه الاتفاقية جزءاً من سلسلة من المبادرات التي تسعى الحكومة من خلالها إلى تحسين أداء القطاع الزراعي وتعزيز قدرته على تلبية احتياجات السوق المحلي من المحاصيل الاستراتيجية. وفي الوقت نفسه، تساهم الاتفاقية في تنويع مصادر التمويل لدعم استيراد القمح من أسواق عالمية تضمن استمرارية توريد السلعة الاستراتيجية للمواطنين.
دور الحكومة في تحقيق الاكتفاء الذاتي
بجانب التوسع في مشروعات تأمين القمح، تسعى الحكومة المصرية أيضًا إلى تعزيز استراتيجية الاكتفاء الذاتي في العديد من المحاصيل الزراعية الأخرى مثل الذرة والأرز، وذلك من خلال تطوير مشاريع الزراعة الرأسية والأفقية، بما يحقق زيادة في الإنتاج المحلي. هذه المشاريع تساهم في مواجهة التحديات الزراعية التي يواجهها القطاع، مثل ندرة المياه وارتفاع درجات الحرارة، من خلال استخدام تقنيات الزراعة الحديثة وأنظمة الري الذكية.
وفي هذا السياق، أكد الحصري أن الحكومة تعمل على تنفيذ مشروعات تنموية تهدف إلى تحسين الأداء الزراعي وزيادة المساحات المزروعة، بما يساهم في تعزيز الأمن الغذائي للبلاد ويقلل من الاعتماد على الاستيراد. هذا التوجه يأتي في إطار رؤية الحكومة المصرية لتطوير القطاع الزراعي وجعله أكثر استدامة وقادرًا على مواجهة التحديات المستقبلية.
تعتبر هذه الاتفاقية بين الحكومة المصرية ومكتب أبوظبي للصادرات خطوة استراتيجية هامة نحو تحقيق الأمن الغذائي في مصر، وتعد بمثابة جزء من جهود أوسع لتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع الأساسية.
من خلال تعزيز التعاون بين مصر والإمارات، تضمن هذه الاتفاقية زيادة المخزون الاستراتيجي للقمح وضمان توريده بشكل مستمر إلى الأسواق المحلية. ومن خلال تنفيذ هذه السياسات، تسعى الحكومة المصرية إلى توفير بيئة اقتصادية مستقرة تلبي احتياجات المواطنين وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها البلاد.