إيلون ماسك يحصل على حصة أسهم بقيمة 29 مليار دولار من تيسلا . في خطوة جريئة تعكس رهانات كبرى على المستقبل، أعلنت شركة تيسلا أنها منحت الرئيس التنفيذي إيلون ماسك ما يقرب من 96 مليون سهم جديد، تقدر قيمتها السوقية الحالية بنحو 29 مليار دولار، في إطار ما وصفته بـ”منحة مؤقتة”، تهدف إلى ضمان استمرار ماسك في قيادة الشركة خلال واحدة من أكثر مراحلها تحولًا منذ تأسيسها.
منحة جديدة في توقيت حساس
تأتي هذه المنحة وسط تحديات متزايدة تواجهها تيسلا في قطاع السيارات الكهربائية، حيث تواجه الشركة تباطؤًا في الطلب، وتزايدًا في المنافسة، وضغوطًا تنظيمية في أسواق متعددة، خاصة في الولايات المتحدة والصين.
ولذلك، تسعى الشركة إلى نقل تركيزها تدريجيًا من أعمال السيارات الكهربائية التقليدية إلى مجالات أكثر تطورًا تشمل سيارات الأجرة الآلية والروبوتات الشبيهة بالبشر، وهي القطاعات التي يُعد ماسك عرّابًا لها، من خلال رؤاه الطموحة وخططه الابتكارية.
حزمة “حسنة النية” تعويضًا عن الحزمة الملغاة
ووفقًا لما أعلنته تيسلا، فإن هذه الحزمة تُعد خطوة أولى نحو تعويض ماسك عن حزمة الحوافز السابقة التي قُدرت قيمتها بأكثر من 50 مليار دولار والتي تم إلغاؤها بقرار من محكمة ديلاوير في عام 2024، على خلفية طعون قانونية تتعلق بطريقة الموافقة عليها من قبل مجلس الإدارة حينها.
وتُعرف هذه الحزمة بأنها الأكبر في تاريخ الشركات الأمريكية، وكانت تربط تعويض ماسك بتحقيق أهداف طموحة في القيمة السوقية والأداء المالي لتيسلا.
شروط الحصول على الحوافز الجديدة
تربط الحزمة الجديدة حصول ماسك على الأسهم بشروط أساسية، أبرزها:
استمراره في منصب الرئيس التنفيذي لمدة لا تقل عن عامين من تاريخ الإعلان.
عدم صدور حكم قضائي نهائي يعيد تفعيل حزمة 2018 الملغاة.
احتفاظه بالأسهم الممنوحة لمدة لا تقل عن خمس سنوات بعد ممارستها.
سعر ممارسة الأسهم يظل كما هو في حزمة 2018، أي 23.34 دولارًا للسهم، وهو سعر يُعد رمزيًا بالنظر إلى السعر السوقي الحالي لأسهم تيسلا.
اجتماع حاسم في نوفمبر
في إطار مزيد من الشرعية والشفافية، تعتزم الشركة عرض خطة تعويضات طويلة الأجل جديدة لإيلون ماسك للتصويت عليها خلال اجتماعها السنوي للمستثمرين، المقرر عقده في 6 نوفمبر 2025، وسط ترقب شديد من قبل المساهمين والمحللين الماليين حول مدى تأييد السوق لهذه الخطوة المثيرة للجدل.
رسالة واضحة: ماسك هو القائد الأمثل
بررت تيسلا هذه المنحة الكبيرة بكونها محاولة للحفاظ على “موهبة ماسك الاستثنائية”، كما وصفه مجلس الإدارة، خاصة أنه يُعد الوجه الإعلامي والاستراتيجي للشركة، ومهندس التحول المستقبلي نحو السيارات ذاتية القيادة والذكاء الصناعي المجسد في الروبوتات.
وترى الشركة أن استمرار ماسك في منصبه هو مفتاح النجاح في المرحلة القادمة، التي تتطلب قرارات جريئة واستثمارات عالية المخاطر.
حصة ماسك في تيسلا ترتفع
وبحسب تحليل أجرته رويترز مستندًا إلى بيانات من مجموعة بورصات لندن، فإن الحزمة الجديدة سترفع حصة ماسك في تيسلا إلى أكثر من 15% من إجمالي أسهم الشركة، مقارنة بحصته الحالية التي تبلغ حوالي 12.7%.
وتُعد هذه الزيادة في حصة التملك بمثابة تعزيز مباشر لنفوذه داخل الشركة، وهو ما يثير بعض الجدل في الأوساط القانونية والمحاسبية، لا سيما مع وجود نزاع قانوني قائم بشأن حزمة التعويض السابقة.
لا خطة تعويضات منذ 2017
وأشارت الشركة في بيانها إلى أن ماسك لم يحصل فعليًا على أجر نقدي منذ عام 2017، حيث رفض تقاضي راتب أساسي، مفضلًا أن تكون مكافآته مرتبطة بالأداء والتوسع في القيمة السوقية لتيسلا.
وتُعد هذه الاستراتيجية في التعويض فريدة من نوعها في وادي السيليكون، لكنها أيضًا أثارت انتقادات تتعلق بتضارب المصالح وتضخم المكافآت بشكل غير معتاد.
بين الطموح القانوني والمساءلة الأخلاقية
من جانب آخر، يستمر الجدل القانوني حول مشروعية حزمة 2018، خاصة بعد حكم محكمة ديلاوير بإلغائها.
ولا يزال بعض المستثمرين والمساهمين الكبار يعارضون ما يعتبرونه تغوّلًا من مجلس الإدارة في منح صلاحيات استثنائية لماسك دون رقابة كافية.
في المقابل، يرى أنصار ماسك أن هذه الخطوات ضرورية لأن وجوده هو ما يمنح تيسلا قيمتها السوقية العالية، وقدرتها على الابتكار والتوسع.
مستقبل تيسلا مع ماسك
التحول الذي تسعى إليه تيسلا من مجرد شركة سيارات كهربائية إلى لاعب رئيسي في ثورة التكنولوجيا المستقبلية — من خلال الذكاء الاصطناعي، والتنقل الذاتي، والروبوتات — يتطلب قيادة قوية واستمرارية في الرؤية.
ويُعتبر إيلون ماسك رمزًا لهذا التحول، رغم الجدل المحيط به. فمن دون حضوره الفعلي والتخطيط طويل الأمد، يخشى كثيرون من تراجع زخم الشركة وفقدانها لبوصلتها الابتكارية.
قرار تيسلا بمنح إيلون ماسك حزمة أسهم ضخمة بقيمة 29 مليار دولار هو رهان استراتيجي على شخص واحد، يمثل القلب النابض للشركة ورؤيتها المستقبلية.
وبين الانتقادات القانونية والتحديات السوقية، يبقى ماسك في موقع الصدارة، يقود واحدة من أهم قصص النجاح في عالم التكنولوجيا، نحو مرحلة جديدة قد تعيد رسم شكل المستقبل.