وقد أثار هذا الزلزال سلسلة من التساؤلات والقلق حول تأثيراته على سد النهضة، خصوصًا مع تزايد النشاط الزلزالي في المنطقة. فما هي احتمالات أن تؤدي هذه الزلازل إلى انفجار السد، وهل يشكل ذلك خطرًا مائيًا يهدد المنطقة بأسرها؟
سلسلة الزلازل وتأثيرها على سد النهضة
بدأت الزلازل في إثيوبيا في 27 سبتمبر 2024، حيث وقع زلزال بقوة 4.9 درجة، وهو الزلزال الأول من سلسلة من الزلازل التي استمرت خلال الأسابيع التالية. بعد الزلزال الأول، تتابعت الزلازل الأخرى بمعدل مرتفع، حيث وقع زلزالان آخران بعد 8 ساعات من الأول، بقوة 4.5 درجة.
كما تعرضت إثيوبيا لعدة زلازل أخرى في 30 سبتمبر، 6 أكتوبر، و13 أكتوبر، وكان آخرها في 17 نوفمبر 2024 بقوة 4.6 درجة. ورغم أن هذه الزلازل لم تكن قوية بما يكفي لتؤثر بشكل مباشر على سد النهضة، إلا أن القلق يزداد مع تكرار هذه الظاهرة، وتزايد النشاط الزلزالي في المنطقة. وهو ما يطرح تساؤلات حول المخاطر المحتملة على السد في المستقبل القريب.
هل تؤدي الزلازل لانفجار سد النهضة؟
في هذا السياق، حذر الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، من أن الزلازل القوية والمتقاربة قد تمثل تهديدًا حقيقيًا على سلامة سد النهضة. وأوضح في تصريحات عبر حسابه الشخصي على منصة فيسبوك، أن الزلزال السابع الذي ضرب إثيوبيا كان على عمق 10 كيلومترات، وعلى مسافة تزيد عن 570 كيلومترًا من السد. ورغم أن هذا الزلزال لم يتسبب في ضرر مباشر للسد.
إلا أن شراقي أشار إلى أن الزلازل الأقوى والأقرب قد تشكل خطرًا كبيرًا على هيكل السد. وأوضح أن سد النهضة يحتوي على حوالي 60 مليار متر مكعب من المياه، مما يعني أن وقوع زلزال شديد بالقرب من السد يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات خطيرة، مثل انهيار جزئي أو كلي للسد، وهو ما قد يتسبب في كارثة مائية هائلة تؤثر على عدة دول في حوض النيل.
سد النهضة: قنبلة مائية قابلة للانفجار
وأكد شراقي أن سد النهضة بهذه الحجم الكبير يشكل “قنبلة مائية” قابلة للانفجار في أي وقت في حال وقوع زلزال قوي بما يكفي. وبسبب المخاطر العالية المرتبطة بهذا السد، فإن العواقب المحتملة تتعدى حدود إثيوبيا لتطال دولًا مثل مصر والسودان التي تعتمد بشكل كبير على مياه النيل. وفي الوقت الذي لا تزال فيه بنية السد لم تتعرض لضرر مباشر بسبب الزلازل الأخيرة، إلا أن التوقعات بشأن تزايد النشاط الزلزالي في المنطقة تثير مخاوف حقيقية حول الاستعدادات الأمنية لهذا السد العملاق.
موقف المجتمع الدولي من المخاطر الزلزالية على سد النهضة
من جانبها، دعت أماني الطويل، مدير البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى ضرورة تصعيد الضغط الدولي بشأن المخاطر التي يشكلها سد النهضة. وطالبت بتوضيح حجم هذه المخاطر بشكل يلفت انتباه المجتمع الدولي ويخلق حالة من الوعي حول التهديدات المحتملة للسد.
وأوضحت أن الضغط الدولي يمكن أن يساعد في حث الأطراف المعنية على اتخاذ تدابير إضافية لضمان سلامة السد. كما أكدت أن الوعي الدولي حول التأثيرات البيئية والإنسانية المرتبطة بأي حادث مائي قد يساعد في تفادي الكارثة.
الوضع الحالي لسد النهضة
حتى الآن، لم تتعرض بنية سد النهضة لأضرار كبيرة نتيجة الزلازل الأخيرة. إلا أن تزايد النشاط الزلزالي في المنطقة يعزز القلق من وقوع زلازل أكبر في المستقبل. وقد أدى ذلك إلى دعوات لإجراء دراسات فنية دقيقة حول أمان السد وقياس المخاطر الزلزالية التي قد تؤثر على بنائه. إن إجراء مثل هذه الدراسات يعد خطوة أساسية لتقييم قدرة السد على تحمل الزلازل المستقبلية.
تحليل المخاطر الزلزالية على سد النهضة
تشير الدراسات الجيولوجية إلى أن تأثير الزلازل يعتمد على عدة عوامل رئيسية، منها:
- قوة الزلزال: الزلازل التي تتجاوز قوتها 5 أو 6 درجات قد تشكل تهديدًا حقيقيًا على السد.
- عمق الزلزال ومركزه: الزلازل التي تحدث بالقرب من سطح الأرض في المناطق القريبة من السد تميل إلى أن تكون أكثر تأثيرًا.
- البنية التحتية للسد: قدرة السد على تحمل الزلازل تعتمد بشكل كبير على تصميمه وجودته الهندسية. فالسدود المصممة بشكل جيد والقادرة على تحمل الاهتزازات
- الأرضية تشكل حماية أكبر ضد أي مخاطر زلزالية.
مع تزايد النشاط الزلزالي في إثيوبيا، لا يمكن تجاهل التأثيرات المحتملة على سد النهضة. من الأهمية بمكان أن تتابع الهيئات المعنية هذا النشاط بعناية وتنفذ دراسات فنية متعمقة لضمان أن السد آمن من المخاطر الزلزالية المستقبلية.
وفي الوقت نفسه، يبقى الضغط الدولي على الأطراف المعنية، سواء من حيث تعزيز الشفافية أو التعاون في تنفيذ تدابير الوقاية، خطوة أساسية للحد من المخاطر المتزايدة وضمان حماية سلامة السد وسكان المنطقة.