إسرائيل تساهم في حماية العصابات المسلحة لسرقة القوافل . في ضوء الانتقادات الشديدة التي وجهتها وزارة الخارجية الأمريكية إلى إسرائيل بخصوص تعاملها مع قضية المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، أصبحت المسألة الآن أكثر وضوحًا فيما يتعلق بتورط الاحتلال الإسرائيلي في تجويع الفلسطينيين.
هذا التورط أصبح أمرًا مؤكدًا بالنظر إلى التصريحات التي أدلى بها العديد من المسؤولين حول الحماية التي تقدمها إسرائيل لعصابات سرقة المساعدات الإنسانية في القطاع.
وفى هذا السياق، أكد الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين “حشد”، أن الاحتلال الإسرائيلي يتعاون مع مجموعة من العصابات المسلحة التي تسهل لها مهمة سرقة شاحنات المساعدات على الطرق، ومن ثم طرحها وبيعها بأسعار مرتفعة في الأسواق.
وقد أشار عبد العاطي إلى أن هذه العصابات تتكون من نحو 40 شخصًا في كل مجموعة، وتتمركز على الطرق الرئيسية لسرقة المساعدات. وأضاف أن نسبة الجرائم في قطاع غزة قد ارتفعت إلى 105% بسبب الانفلات الأمني الذي تزامن مع بدء الحرب على القطاع.
مشيرًا إلى أن 78.4% من شاحنات المساعدات يتم سرقتها، في حين لا يصل إلى القطاع سوى 11.8% من المساعدات التي تكون في الأصل محملة في الشاحنات العابرة. وأضاف أيضًا أن المساعدات المسروقة يتم بيعها بأسعار تصل إلى 1000 ضعف قيمتها الأصلية.
هذا الوضع الكارثي في غزة يتطلب تدخلاً دوليًا عاجلاً، حيث دعا عبد العاطي المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير لاستعادة الأمن في قطاع غزة وضمان توزيع المساعدات الإنسانية بشكل عادل، مع محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها المستمرة وجرائم الإبادة الجماعية.
من جهته، أضاف الدكتور منصور أبو كريم، الباحث السياسي الفلسطيني، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي فشل في توفير الحماية للمساعدات الإنسانية التي يتم إدخالها إلى القطاع، رغم تعيينه جنرالًا لتنسيق عملية إدخال المساعدات. وأوضح أبو كريم أن هذا الفشل يعكس استمرار إسرائيل في استخدام سياسة تجويع الفلسطينيين كأداة في حربها ضد القطاع.
كما أكد أن إسرائيل تسمح لعدة عصابات وقطّاع طرق بالتواجد قرب القوات الإسرائيلية وعلى طرق إدخال المساعدات، ما يؤدي إلى سرقتها ونهبها. وأوضح أن الوضع الإنساني في قطاع غزة، خاصة في المناطق الجنوبية، على مشارف مجاعة عامة، بسبب نقص المواد الأساسية مثل الزيت والسكر والدقيق بسبب إغلاق المعابر الإسرائيلية.
وتابع أبو كريم أن سرقة المساعدات المسلّحة تزيد من تفاقم الوضع، حيث أن الفوضى التي تعم قطاع غزة بعد انهيار المنظومة الأمنية لحركة حماس ساهمت في ظهور العصابات وقطاع الطرق الذين يهاجمون الممتلكات ويسرقون المساعدات. وأضاف أن الوضع في القطاع أصبح مأساويًا، حيث يعاني المواطنون من نقص حاد في المواد الأساسية، خاصة مع دخول فصل الشتاء.
وفي سياق مماثل، قال أحمد المجايدة، أحد سكان قطاع غزة، إنه من المؤلم أن المواد الأساسية لا تصل إلى المدنيين رغم وصول المساعدات إلى القطاع، ويعزو ذلك إلى سرقتها من قبل العصابات المسلحة. وأضاف المجايدة أنه في العديد من الحالات، يتم سرقة المساعدات على مرأى ومسمع من القوات الإسرائيلية، التي لا تحرك ساكنًا تجاه هذه الأعمال.
وفي تقرير نشرته شبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية، أشير إلى أن العصابات المسلحة قد سرقت نحو 100 شاحنة محملة بالغذاء والمساعدات الإنسانية خلال عطلة نهاية الأسبوع، مما أدى إلى نقص حاد في المواد الغذائية في وسط قطاع غزة. كما نقلت الأمم المتحدة عن سرقة 98 شاحنة محملة بالمساعدات، في أكبر حادثة من نوعها منذ بداية الحرب.
الصحيفة الأمريكية “واشنطن بوست” كشفت أن العصابات المسلحة تنفذ هذه السرقة تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي. وفي هذه الأثناء، أفادت وزارة الداخلية في غزة بأنها تمكنت من القضاء على بعض العناصر المتورطة في سرقة شاحنات المساعدات، حيث قتل 20 عنصرًا من العصابة. وقد أكدت الشرطة أن جميع حوادث السرقة قد وقعت في مناطق تخضع لسيطرة إسرائيلية.
وقد ذكر المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن قافلة من 109 شاحنات تلقت تعليمات من الجيش الإسرائيلي باتخاذ “طريق بديل غير مألوف” بعد إدخال المساعدات عبر معبر كرم أبوسالم، مشيرًا إلى أن الشاحنات تم سرقتها بالقرب من المعبر.
وفي النهاية، تظل قضية سرقة المساعدات الإنسانية في قطاع غزة واحدة من أكثر القضايا إثارة للقلق في الوقت الحالي، خاصة في ظل تورط الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا الانتهاك الإنساني.