إدمان السجائر الإلكترونية هل هو نتيجة للمرحلة الثانوية؟ في ظل الانتشار المتزايد للتدخين الإلكتروني بين المراهقين والشباب، يسعى الخبراء والمختصون إلى دراسة العوامل التي تؤثر على أنماط الاستخدام وتطور الإدمان على السجائر الإلكترونية، خاصة مع تزايد الاهتمام بتأثير هذا الاتجاه على الصحة العامة وسلوكيات الشباب.
في هذا السياق، أظهرت دراسة حديثة تسلط الضوء على توقيت بدء التدخين الإلكتروني وكيفية تأثيره على سلوكيات المستخدمين، مما يفتح المجال لفهم أعمق لهذه العادة المنتشرة بسرعة واتخاذ التدابير اللازمة لمكافحتها.
دراسة تكشف علاقة توقيت بدء التدخين الإلكتروني بالإدمان
أشارت الدراسة إلى أن الشباب الذين يبدأون في تدخين السجائر الإلكترونية بعد التخرج من المدرسة الثانوية يتعرضون بشكل كبير لاحتمالات الإدمان. فقد شملت الدراسة 2291 مراهقًا من 10 مدارس ثانوية في ولاية كاليفورنيا.
وتمت متابعتهم على مدار 10 سنوات من خلال استبيانات دورية. وكانت النتائج واضحة، حيث أظهرت أن ثلثي المشاركين يفضلون السجائر الإلكترونية بنكهات حلوة مثل الفاكهة والحلوى، وهو ما يعزز الجاذبية لهذه المنتجات لدى الشباب.
واكتشف الباحثون أن واحدًا من كل خمسة شباب بدأوا في التدخين الإلكتروني بعد التخرج من الثانوية أصبحوا مدخنين منتظمين في غضون عام واحد، مما يمثل زيادة قدرها 40% مقارنةً بأولئك الذين بدأوا في سن 14 أو 15 عامًا. هذا الاتجاه يعكس بشكل واضح تزايد الإدمان على السجائر الإلكترونية في مرحلة ما بعد الثانوية، ما يشير إلى أن العمر الذي يبدأ فيه الفرد التدخين الإلكتروني له دور كبير في تطور الإدمان على المدى البعيد.
العوامل المؤثرة في تطور الإدمان على السجائر الإلكترونية
تأثير العمر على تطور الإدمان على السجائر الإلكترونية كان واضحًا في الدراسة، حيث تبين أن المراهقين الأكبر سنًا يطورون الإدمان على السجائر الإلكترونية بمعدل أسرع بثلاث مرات مقارنةً بنظرائهم الأصغر سنًا. كما كشفت الدراسة أن هذه الفئة كانت أكثر عرضة بثلاث مرات لاستخدام منتجات “JUUL” التي تحتوي على نسبة عالية من النيكوتين، ما زاد من خطر تطور الإدمان لديهم.
من خلال تحليل البيانات، قسّم الباحثون أنماط التدخين الإلكتروني إلى أربع فئات رئيسية بناءً على توقيت بدء الاستخدام وكيفية تطور هذه العادة إلى إدمان:
الشباب (بعد التخرج)/التقدم السريع (21%): هؤلاء بدأوا التدخين بعد التخرج من الثانوية وأصبحوا مدخنين منتظمين في غضون 1.2 عام.
الثانوية المبكرة/التقدم التدريجي (14%): بدأوا التدخين في بداية المرحلة الثانوية ووصلوا إلى الإدمان بعد 3 سنوات.
الثانوية المتأخرة/التقدم التدريجي (4%): بدأوا في سنوات الثانوية المتأخرة وتطوروا إلى الإدمان بعد 3 سنوات من التخرج.
قليلو المخاطر/عدم التقدم (60%): هؤلاء لم يطوروا عادة التدخين الإلكتروني أو لم يصبحوا مدمنين.
وتعزز هذه الفئات الفهم الجديد حول العلاقة بين توقيت البدء في التدخين الإلكتروني وتطور الإدمان، مما يساعد في تحديد الفئات الأكثر عرضة لخطر الإدمان. ويشير الباحثون إلى أن الشباب الذين يبدأون التدخين في مرحلة متأخرة مثل بعد التخرج من الثانوية قد يكونون أكثر عرضة للانخراط في أنماط سلوكية ضارة مثل تعاطي الكحول أو المخدرات.
تأثير التدخين الإلكتروني على الصحة والمخاوف الصحية المتزايدة
من الجدير بالذكر أن تدخين السجائر الإلكترونية لا يقتصر فقط على زيادة احتمالات الإدمان، بل يتعدى ذلك ليشكل تهديدًا كبيرًا للصحة. فقد أثارت الدراسات الحديثة مخاوف بشأن التأثيرات الصحية طويلة المدى لهذه العادة.
حيث تشير الأبحاث إلى أن السجائر الإلكترونية قد تؤدي إلى أمراض القلب وأمراض أخرى متعلقة بالجهاز التنفسي. بعض الدراسات تشير أيضًا إلى أن السجائر الإلكترونية قد تساهم في زيادة خطر الإصابة بالخرف، مما يعكس مدى الخطورة التي قد يشكلها هذا النوع من التدخين.
تعتبر هذه النتائج بمثابة إنذار للمعنيين في المجتمع الصحي، حيث إن التدخين الإلكتروني لا يُعتبر آمنًا كما يُروج له في بعض الأحيان. ومع زيادة انتشار هذه الظاهرة بين المراهقين والشباب، تزداد الحاجة إلى اتخاذ إجراءات وقائية فعالة، سواء على مستوى السياسات العامة أو على مستوى التوعية المجتمعية.
الإحصاءات والمخاوف المتعلقة باستخدام السجائر الإلكترونية بين الشباب
وفقًا للإحصاءات، فإن معدل استخدام السجائر الإلكترونية بين البالغين الأمريكيين وصل إلى حوالي 7% في عام 2024، مقارنةً بـ 11% ممن يدخنون السجائر التقليدية. في حين أظهرت الأرقام أن 1.6 مليون طالب في المدارس المتوسطة والثانوية في الولايات المتحدة قد استخدموا السجائر الإلكترونية، ما يعادل 6% من إجمالي الطلاب. هذه الإحصاءات تدل على حجم الانتشار المتزايد لهذه العادة بين الفئات الأصغر سنًا، مما يبرز الحاجة الملحة لمراقبة استخدام هذه المنتجات في أوساط الشباب.
التوصيات والسياسات المقترحة للحد من استخدام السجائر الإلكترونية
بناءً على النتائج التي أظهرتها الدراسة، يوصي الباحثون بضرورة توسيع نطاق السياسات الصحية التي تستهدف خفض معدلات التدخين الإلكتروني، لتشمل مرحلة الشباب المبكر، وليس فقط فترة المراهقة. كما شددوا على أهمية فرض قيود أكبر على تسويق السجائر الإلكترونية المنكهة التي تستهدف صغار السن، حيث تلعب النكهات الحلوة مثل الفاكهة والحلوى دورًا كبيرًا في جذب الشباب لهذه العادة الضارة.
إضافة إلى ذلك، يوصي الخبراء بضرورة توفير برامج توعية شاملة، تشمل المدارس والأسر، للتعريف بمخاطر التدخين الإلكتروني وتحفيز الشباب على اتخاذ قرارات صحية سليمة. وبالتوازي مع هذه الجهود، يجب على السلطات الصحية أن تقوم بتطبيق قيود صارمة على بيع هذه المنتجات للأشخاص دون سن قانوني، مما يساعد في الحد من انتشار هذه العادة.
مع تزايد استخدام السجائر الإلكترونية بين الشباب والمراهقين، يتعين علينا أن نتخذ تدابير جادة لمواجهة هذه الظاهرة، سواء من خلال السياسات الصحية أو من خلال التوعية المجتمعية. تعتبر نتائج هذه الدراسات دعوة للتحرك الفوري لمنع تفشي هذه العادة الضارة وضمان مستقبل صحي لأجيالنا القادمة.