إثيوبيا تعلن بيع المياه لمصر اعتبارًا من ديسمبر القادم . حقيقة بيع إثيوبيا المياه لمصر: تحليل دقيق للخبر المتداول وفي الساعات الأخيرة، انتشرت العديد من الأنباء حول قرار إثيوبيا بيع مياه النيل لمصر بداية من ديسمبر 2024، وهو الخبر الذي أثار العديد من التساؤلات والشكوك بين المواطنين والخبراء.
وفي هذا السياق، قدم الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، تعليقًا تفصيليًا يوضح فيه حقيقة هذا الموضوع. وتضمنت هذه التساؤلات فحوى بيع المياه، وما إذا كان هذا الأمر ممكنًا، وما إذا كان سيكون له تأثير على العلاقة بين مصر وإثيوبيا، وكذلك على سياسة المياه في المنطقة بشكل عام.
هل يمكن بيع مياه النيل لمصر؟
تساءل الدكتور عباس شراقي حول مدى إمكانية بيع إثيوبيا مياه النيل لمصر في تصريحاته الأخيرة، وأوضح أنه من غير الممكن أن يتم بيع مياه النيل بشكل مباشر بين الدول. وأضاف أن التحديات التي تواجه مصر في الوقت الحالي في مجال المياه تتطلب حلولًا معقدة، إلا أن مصر قد نجحت في التأقلم معها بشكل فعال.
ففي الوقت الذي تواجه فيه مصر نقصًا في الموارد المائية نتيجة التحديات التي يفرضها سد النهضة الإثيوبي، إلا أن الدولة استطاعت بفضل السد العالي والعديد من الإجراءات الأخرى تقليل آثار هذه المشاكل على المواطنين.
وأشار شراقي إلى أن الدولة قد أنفقت أكثر من 10 مليارات دولار في السنوات الأخيرة من أجل تحسين إدارة الموارد المائية، مثل إقامة محطات معالجة مياه الصرف الزراعي وتطوير أنظمة الري، وذلك لتخفيف التأثيرات السلبية الناتجة عن نقص المياه.
وأكد أن السد العالي لا يزال يشكل عمادًا أساسيًا في حماية مصر من الأضرار المحتملة الناتجة عن أزمة المياه، سواء في فترات الجفاف أو الفيضانات، مشيرًا إلى أن مصر قد نجحت في حماية مواردها المائية بفضل هذا السد.
تاريخ تداول المياه في البورصات
من ناحية أخرى، أوضح الدكتور رشاد حامد، أستاذ الهندسة ومستشار اليونسيف، أن فكرة تداول المياه في البورصات ليست جديدة. وقدم مثالًا عن ولاية كاليفورنيا الأمريكية التي عانت من شح المياه وجفاف شديد بين عامي 1987 و1992، حيث أنشأت الولاية “بنك جفاف المياه” لإدارة الموارد المائية المحدودة، وقامت بإنشاء سوق لبيع المياه للمواطنين سواء للمدن أو للمزارع. وفي عام 2020، أطلقت مجموعة “CME” عقودًا آجلة للمياه، ترتبط بمؤشر مياه ناسداك فيليس كاليفورنيا (NQH2O).
وأضاف الدكتور حامد أن بيع المياه في هذه الحالة كان يتم على مستوى الدولة، وليس بين دول مختلفة. وقال إن الربط بين بيع المياه في الولايات المتحدة وبين فكرة بيع مياه النيل بين إثيوبيا ومصر ليس له أساس من الصحة، فالموضوع يتعلق بعقود محلية تحكمها قوانين مختلفة عن الاتفاقات الدولية بين الدول المتشاطئة على الأنهار.
إثيوبيا وبيع مياه النيل: تفاصيل قانونية ودولية
في إطار هذه المناقشات، يجدر بالذكر أن مياه النيل تعد من الموارد الطبيعية المشتركة بين الدول المتشاطئة عليه، ومنها مصر وإثيوبيا والسودان. ولقد تم تنظيم انتفاع هذه الدول بالمياه عبر العديد من الاتفاقيات الدولية والمعاهدات التي تحدد كيفية توزيع المياه بين هذه الدول، ولا يمكن لأي دولة منفردة اتخاذ قرار بيع المياه لدولة أخرى من دون التنسيق مع الدول الأخرى الموقعة على هذه المعاهدات.
وقد اعتبر الخبراء أن ما تم تداوله حول بيع إثيوبيا للمياه لمصر هو مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة، ولا يرتبط بأي اتفاقيات رسمية بين البلدين. وأوضحوا أن التعامل مع الموارد المائية بين الدول يجب أن يتم عبر القنوات الرسمية وبموجب الاتفاقات الدولية، وليس من خلال المعاملات التجارية البسيطة.
الخطوات المصرية للتعامل مع أزمة المياه
على الرغم من التحديات المائية التي تواجه مصر في ظل سد النهضة، فإن الدولة المصرية تعمل جاهدة على معالجة هذه الأزمة من خلال سياسات مدروسة تركز على ترشيد استهلاك المياه، وتحسين إدارة الموارد المائية.
ومن بين الإجراءات المهمة التي اتخذتها الدولة هي تطوير نظم الري في الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى بناء محطات معالجة مياه الصرف الصحي والزراعي، ما يساهم في زيادة كفاءة استخدام المياه المتاحة.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى الحكومة المصرية لزيادة وعي المواطنين بأهمية الحفاظ على المياه وترشيد استخدامها في جميع المجالات. كما تتطلع مصر إلى تطوير أساليب جديدة لتوليد المياه مثل تحلية مياه البحر، في إطار مواجهة التحديات المائية المستقبلية.
في الختام، يبدو أن ما تم تداوله حول بيع إثيوبيا لمياه النيل لمصر هو مجرد شائعة لا أساس لها من الصحة. ويؤكد الخبراء أن أي معاملة تتعلق بمياه النيل بين الدول المتشاطئة يجب أن تتم وفقًا للمعاهدات الدولية والقوانين المنظمة.
ورغم التحديات التي تواجهها مصر فيما يتعلق بالمياه، إلا أن الدولة تسير في طريق الحلول المستدامة عبر تحسين إدارة الموارد المائية وتعزيز استراتيجيات الترشيد والإنتاجية المائية.