أندرويد في خطر برمجية خبيثة تنتشر عبر واتساب وتيك توك . تشهد منظومة أمان هواتف أندرويد موجة جديدة من الهجمات الرقمية المعقدة، بعد أن كشف باحثون في الأمن السيبراني عن برمجية خبيثة خطيرة تُعرف باسم ClayRat.
تختبئ داخل نسخ مزيفة من تطبيقات شهيرة مثل واتساب وتيك توك وصور جوجل ويوتيوب. الحملة، التي صنفها الخبراء بأنها متطورة ومنظمة، تميّزت بقدرتها على خداع المستخدمين وسرقة بياناتهم الحساسة بهدوء ودون إنذار واضح.
نسخ مزيفة وطريقة انتشار متقنة
تعتمد حملة ClayRat بشكل أساسي على أسلوب الهندسة الاجتماعية المعروف باسم Typosquatting، وهو استغلال أخطاء الكتابة أو البحث التي يقع فيها المستخدمون عند محاولة تحميل تطبيق أو زيارة موقع.
بدلاً من التوجّه إلى المتجر الرسمي أو الموقع الحقيقي، يُوجه الضحية إلى واجهة مزيفة تبدو متطابقة تقريبًا مع الأصلية، لكنها تحمل التطبيق المصاب بالبرمجية الخبيثة.
تنتشر هذه الروابط عادة عبر قنوات تيليجرام ومجموعات ومواقع تصيد مجهولة المصدر، ما يمنح المهاجمين قدرة كبيرة على الوصول إلى أعداد ضخمة من الهواتف في وقت قصير. وبمجرد تثبيت النسخة المزيفة، تعمل ClayRat بصمت داخل النظام، مستفيدةً من ثغرات في صلاحيات أندرويد أو من أساليب ذكية لطلب صلاحيات تبدو عادية للمستخدم.
قدرات خبيثة ومخاطر غير مسبوقة
ما يميّز ClayRat عن برمجيات خبيثة سابقة هو استغلالها لخاصية تُعرف بـ«معالج الرسائل القصيرة الافتراضي» في نظام أندرويد. هذا الاستغلال يمنحها قدرة واسعة على التحكم في الرسائل النصية دون الحاجة إلى طلب الأذونات التقليدية بشكل واضح للمستخدم.
ووفقًا لتقارير خبراء الأمن، تستطيع البرمجية قراءة الرسائل النصية، الوصول إلى سجل المكالمات، وحتى تشغيل الكاميرا الأمامية لالتقاط صور، كل ذلك دون ترك أثر واضح أو إشعار أمني ظاهر للمستخدم.
لا يتوقف عمل البرمجية على سرقة البيانات فحسب، بل تتحول الأجهزة المصابة إلى منصة لنشر العدوى نفسها: تقوم ClayRat بإرسال روابط تحميل خبيثة إلى جميع جهات الاتصال المسجلة في الهاتف، ما يجعل من كل جهاز مُخترق نقطة انطلاق لحملة أوسع. هذه الدائرة الانتشارية — حيث كل ضحية جديدة تسهم في إصابة آخرين — تزيد من صعوبة احتواء الحملة ووقفها بسرعة.
حملة منظمة وتطور سريع
تشير التحليلات إلى أن مطوري ClayRat يمتلكون مستوى عالٍ من الخبرة والتنظيم؛ فقد رُصدت أكثر من 600 نسخة مختلفة من البرمجية خلال ثلاثة أشهر فقط، إلى جانب نحو 50 أداة نشر مخصصة تستخدم لطرق توزيع متنوعة.
الأرقام تعكس نهجًا تطوريًا مستمرًا يهدف إلى الالتفاف حول آليات الحماية المتاحة في أنظمة التشغيل، وتجعل التصدي لها تحديًا متناميًا أمام المؤسسات والأفراد على حد سواء.
بالإضافة إلى ذلك، ركزت الحملة، بحسب تقارير الباحثين، على مستخدمين في روسيا بشكل خاص، ما يبيّن أن المهاجمين قد يستهدفون مناطق أو مجتمعات بعينها حسب أهدافهم السياسية أو الاقتصادية أو الجغرافية. هذا التخصيص في الاستهداف يجعل من الضروري مراقبة مصادر التهديد وفهم أنماط الهجوم لدى كل فئة من المستخدمين.
خطوات عملية للوقاية وتقليل المخاطر
رغم خطورة المشهد، هناك إجراءات عملية يمكن للمستخدمين اتباعها لتقليل احتمالات الإصابة والحد من الأضرار إن حدثت:
التحميل من المتاجر الرسمية فقط: اعتمد دائمًا متجر Google Play أو App Store؛ تجنّب تحميل التطبيقات من روابط مجهولة أو مواقع خارجية.
التحقق من مراجعات التطبيق والمطور: قبل التثبيت، راجع عدد مرات التحميل والتقييمات وتعليقات المستخدمين، وتحقق من اسم المطور الرسمي.
مراقبة الأذونات بعناية: لا تمنح تطبيقًا صلاحيات لا تتناسب مع وظيفته — مثل تطبيق مشاركة الصور الذي يطلب الوصول إلى الرسائل أو سجل المكالمات.
استخدام برامج حماية موثوقة: وجود حل لمكافحة الفيروسات وفحص دوري للتطبيقات يُحسن من فرص اكتشاف السلوكيات المشبوهة.
التحديث المستمر للنظام والتطبيقات: ترقيعات النظام في كثير من الأحيان تسد ثغرات استغلالية؛ لذا احرص على تثبيت التحديثات الرسمية فور توفرها.
النسخ الاحتياطي للبيانات: احتفظ بنسخ آمنة من البيانات المهمة خارج الجهاز، لكي تستطيع استعادتها إن تعرض الهاتف للاختراق.
الحذر من الروابط المرسلة عبر الرسائل: لا تضغط على روابط مُرسلة من جهات اتصال تبدو غير معتادة أو تحتوي نصوصًا ملغية؛ قد تكون الرسالة نفسها نتيجة لإصابة جهاز أحد معارفك.
تفعيل المصادقة الثنائية: كلما أمكن، فعّل التحقق بخطوتين لحساباتك المهمة لتقليل فرص اختراقها عبر مراقبة الرسائل أو الوصول غير المصرح.
الوعي خط الدفاع الأول
يُجمع خبراء الأمن على أن وعي المستخدم يبقى السلاح الأهم في مواجهة هذه الأنواع من الهجمات. فمعظم الحيل الحديثة تعتمد على الخداع والثقة والاندفاع أكثر من اعتمادها على ثغرات تقنية خالصة. التفكير مرتين قبل النقر على رابط أو تثبيت تطبيق، والتحقق من مصدره، يمكن أن يحول دون اختراق شامل قد يستغرق وقتًا ومجهودًا لإصلاح نتائجه.
تُظهر حملة ClayRat كيف تطورت التهديدات لتتحول من مجرد برامج تُستغل على حواسب مكتبية إلى شبكات متكاملة تستهدف الهواتف الذكية التي ترافقنا يوميًا. تنكر البرمجية في هيئة تطبيقات شائعة يجعلها فخًا سهلاً للمستخدم غير الحذر، بينما يزيد انتشارها الذاتي عبر جهات الاتصال من فرص تفشيها.
المواجهة لا تقتصر على أدوات حماية تقنية فحسب، بل تتطلب مستوىً أعلى من اليقظة الرقمية من المستخدمين ومطالبات دائمة للشركات والمطورين لتعزيز آليات التحقق والتوزيع الموثوق. في عالم تتسارع فيه الهجمات وتزداد تعقيدًا، يصبح الحذر والمعرفة السليمة هما أفضل سلاح لدى كل فرد لحماية خصوصيته وبياناته.