“أنت أقوى من المخدرات” انتهاء المرحلة الثانية من العرض المسرحي “SALE” لدعم المتعافين من الإدمان . شهد مسرح السلام في شارع قصر العيني إقبالًا لافتًا من الجمهور لحضور العرض المسرحي “SALE”، الذي تنظمه وزارة التضامن الاجتماعي عبر صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي.
هذا العرض المسرحي يأتي في إطار الحملة القومية للتوعية بمخاطر الإدمان وتعاطي المخدرات، التي أطلقتها رئاسة مجلس الوزراء في نوفمبر 2024 تحت شعار “أنت أقوى من المخدرات”. يمثل هذا المشروع أحد الجهود الوطنية الشاملة التي تهدف إلى مكافحة ظاهرة الإدمان المنتشرة بين الشباب في مختلف أنحاء الجمهورية.
تقدم المسرحية نظرة جديدة للقضية المجتمعية الكبرى التي تؤرق الأسر المصرية والمجتمع ككل، إذ تتيح للمشاهدين الفرصة لفهم الأسباب الاجتماعية والنفسية التي تدفع العديد من الشباب نحو الإدمان، مما يساهم في تغيير مفاهيمهم حول هذه الظاهرة.
العرض من تأليف وإخراج المبدع عمرو حسن، ويقوم ببطولته الفنان الكوميدي سامح حسين، ويستعرض تجارب معاناة هؤلاء المدمنين في قالب كوميدي درامي مميز، يعكس بعمق معاناة الأسر والمجتمعات التي تعاني من تلك الظاهرة.
قضية اجتماعية ونفسية بلمسة إبداعية
المسرحية “SALE” ليست مجرد عرض فني تقليدي، بل هي محاولة إبداعية تستهدف تسليط الضوء على قضية الإدمان من زاوية اجتماعية ونفسية. قد يعتقد البعض أن الإدمان هو مجرد خيار شخصي، لكنه في الواقع يتعدى ذلك ليصبح قضية شاملة تؤثر على العديد من جوانب الحياة، بدءًا من الفرد ووصولًا إلى الأسرة والمجتمع بأسره.
المسرحية تركز على كيفية تأثير الإدمان على حياة الشباب، وتكشف العوامل التي تساهم في وقوعهم في فخ هذه الآفة. وتُظهر المسرحية أيضًا ضرورة الوعي المجتمعي الذي يجب أن يكون حاضراً في كل بيت لمواجهة هذا التحدي.
المؤلف والمخرج عمرو حسن، الذي قدم هذا العمل، أكد أن العمل في مرحلة ثانية من العروض المسرحية، بهدف مواصلة تسليط الضوء على المخاطر التي تترتب على تعاطي المخدرات وتأثيرها على الأفراد.
كما يهدف إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة حول الإدمان وكيفية الوقاية منه. يعبّر العرض عن عمق التأثير الاجتماعي والنفسي لهذه الظاهرة، ويطرح حلولاً عملية لمساعدات الشباب في التغلب على مشاكل الإدمان عبر الأطر النفسية والداعمة.
دعم المتعافين من الإدمان
من أبرز ما يميز المسرحية “SALE” هو دمج المتعافين من الإدمان في إنتاج هذا العمل الفني، حيث شارك خريجو مبادرة العلاج بالعمل في تنفيذ ديكورات المسرحية. هذه المبادرة ليست فقط فرصة للمشاركة في العمل الفني، بل تمثل خطوة نحو إعادة دمج المتعافين في المجتمع.
يساعد هذا العمل على منحهم ثقة جديدة في أنفسهم، بعد فترة من العلاج، ويتيح لهم فرصة استثمار مهاراتهم التي اكتسبوها خلال فترة تعافيهم. هذا النوع من الدعم الاجتماعي يساهم بشكل كبير في معالجة القضايا النفسية التي قد يواجهها هؤلاء المتعافون، ويساعدهم في العودة إلى حياتهم الطبيعية بشكل أكثر صحة وفاعلية.
إن مشاركة المتعافين في صناعة المسرحية تمثل جزءًا أساسيًا من رؤية صندوق مكافحة وعلاج الإدمان الذي يهدف إلى استخدام العلاج بالعمل كأداة هامة لتمكين المتعافين من الاندماج مرة أخرى في المجتمع، وتأكيدًا على قدرتهم على العطاء والابتكار بعد التعافي من الإدمان. هذه المبادرة تساهم في محو وصمة العار المرتبطة بالإدمان وتمنح المتعافين شعورًا بالانتماء والأمل.
جهود وطنية شاملة لمكافحة الإدمان
مسرحية “SALE” ليست حدثًا فنيًا منفصلًا، بل هي جزء من سلسلة من الفعاليات التوعوية التي ينظمها صندوق مكافحة الإدمان. الحملة القومية التي أطلقتها رئاسة مجلس الوزراء لا تقتصر على العروض المسرحية فقط، بل تشمل العديد من الفعاليات الأخرى التي تستهدف جميع شرائح المجتمع.
الحملة تركز على نشر الوعي بمخاطر الإدمان من خلال الوسائل الإعلامية والفنية، وتسعى إلى نشر ثقافة التوعية والوقاية بين الأجيال المختلفة، وخاصة الشباب الذين يعتبرون الأكثر عرضة للإدمان.
تسعى الحملة إلى التأكيد على أهمية توجيه طاقات الشباب نحو الأنشطة الإيجابية التي تدعم بناء شخصية قوية، بعيدًا عن الإدمان والمخدرات. كما تساهم الحملة في زيادة وعي الأسر والمجتمع حول التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة على الصحة النفسية والجسدية للأفراد.
الحملة القومية لا تقتصر على عرض هذه المسرحية المميزة فقط، بل تشمل العديد من المبادرات الأخرى التي تهدف إلى خلق بيئة مجتمعية تتيح الفرصة للمتعافين من الإدمان لإعادة تأهيل أنفسهم والعودة إلى الحياة الطبيعية بشكل تدريجي وآمن.
رسالة الفن في مواجهة الإدمان
الفن كان دائمًا أداة فعالة في معالجة القضايا الاجتماعية الكبرى، ولا شك أن مسرحية “SALE” تُعد مثالًا بارزًا على كيفية توظيف الفن في تقديم رسالة توعوية شاملة. المسرحية تُظهر كيف يمكن للفن أن يساهم في إحداث التغيير الاجتماعي، ويؤدي دورًا محوريًا في مواجهة القضايا المستعصية مثل الإدمان.
إذ تقوم المسرحية بتناول الموضوعات المهمة مثل الوقاية من الإدمان، والتعريف بعواقب تعاطي المخدرات، بالإضافة إلى تقديم حلول للمشاكل الاجتماعية والنفسية التي تترتب على هذه الظاهرة.
إن المسرح، باعتباره فنًا جماهيريًا، يمكنه الوصول إلى عدد كبير من الأفراد بمختلف مستوياتهم التعليمية والثقافية. وبالتالي، فإن مسرحية “SALE” توفر منصة هامة لنقل رسائل التوعية والوقاية لأكبر عدد من المواطنين. كما أنها تتيح الفرصة للجمهور للتفاعل مع الموضوع بشكل مباشر، مما يساعد في بناء ثقافة جماهيرية متفهمة لخطورة هذه الظاهرة.
إن نجاح مسرحية “SALE” يشير إلى مدى أهمية الفن في خلق الوعي الاجتماعي، وكيف يمكن للفنانين والمبدعين أن يكونوا جزءًا من الحلول الاجتماعية، ليس فقط عبر تقديم أعمال فنية ترفيهية، ولكن أيضًا من خلال المبادرات التوعوية التي تساهم في مواجهة التحديات الكبرى التي تؤثر في المجتمع. الفن هنا لا يُستخدم فقط للتسلية، بل كأداة فعالة من أدوات التغيير والتوعية.
في الختام، يمكن القول إن مسرحية “SALE” تمثل إضافة كبيرة للجهود الوطنية في مكافحة الإدمان، وأن نجاحها يعكس الرؤية الاستراتيجية التي تتبعها الدولة في توظيف الفن لأغراض توعوية وتثقيفية. نأمل أن تستمر هذه الجهود في الوصول إلى جميع شرائح المجتمع، وأن تساهم بشكل فعال في الحد من ظاهرة الإدمان، وخلق مجتمع أكثر صحة وأمانًا.