فقد وصل سعر أنبوبة البوتاجاز إلى 400 جنيه في بعض المناطق، مما أضاف عبئًا كبيرًا على ميزانية الأسر المصرية. وبحسب تصريحات الدكتور أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، فإن هذه الزيادة تأتي في إطار أزمة أوسع تشمل تراجع الإنتاج المحلي وزيادة تكلفة استيراد الغاز الطبيعي.
الاعتماد على الاستيراد وتكلفة البحث والتنقيب
أكد الدكتور أسامة كمال أن مصر لا تزال تعتمد بشكل كبير على استيراد الغاز الطبيعي من الخارج لتعويض النقص في الإنتاج المحلي. ويرجع ذلك إلى زيادة التحديات التي تواجه قطاع الغاز في مصر، خاصة في مجال البحث والتنقيب في المياه العميقة. حيث تتجاوز تكلفة عمليات البحث والتنقيب في هذه المناطق 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية. وهو ما يزيد من تكلفة الإنتاج بشكل عام، ويعكس نفسه على أسعار السلع مثل أنبوبة البوتاجاز.
أولوية توفير احتياجات المواطنين
وأوضح كمال، في مداخلة هاتفية ببرنامج “حضرة المواطن” على قناة “الحدث اليوم”، أن الحكومة تبذل جهودًا كبيرة لتوفير السلع والخدمات الأساسية، بما في ذلك الغاز الطبيعي، وذلك لتلبية احتياجات القطاعات الحيوية مثل الكهرباء والمخابز والمصالح الحكومية. وعلى الرغم من هذه الجهود، إلا أن التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد تلقي بظلالها على القدرة على التحكم في أسعار الغاز. وهذا يجعل من الضروري التفكير في حلول بديلة لتخفيف العبء على المواطنين.
التوجه نحو الغاز الطبيعي للمنازل
من الحلول التي تم طرحها في هذا السياق هو زيادة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل، حيث يُعد هذا التوجه خطوة استراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على أنابيب البوتاجاز، التي أصبح سعرها مرتفعًا بشكل ملحوظ. وأوضح كمال أن تكلفة أنبوبة البوتاجاز قد تصل إلى 400 جنيه، في حين توزع الدولة أكثر من مليون أنبوبة بوتاجاز يوميًا، مما يمثل عبئًا ماليًا كبيرًا على الدولة والمواطنين على حد سواء.
الفوائد الاقتصادية لتوصيل الغاز الطبيعي
من جانب آخر، أشار كمال إلى أن توصيل الغاز الطبيعي للمنازل يسهم بشكل كبير في تقليل التكاليف العامة. فهو يساعد الدولة على توفير أكثر من 2 مليار جنيه سنويًا، وبالتالي يساهم في خفض تكاليف الدعم الحكومي المرتبطة بالأنابيب. وهذا يتماشى مع استراتيجية الدولة لتخفيض الأعباء المالية على الموازنة العامة وتعزيز استدامة توفير الطاقة.
نظام تقسيط رسوم توصيل الغاز
من أجل تسهيل عملية التوصيل وتخفيف العبء المالي على المواطنين، تم اعتماد نظام تقسيط رسوم توصيل الغاز الطبيعي للمنازل منذ عام 2006. هذا النظام يتيح للمواطنين دفع المبالغ على دفعات ميسرة، مما يسهم في تسهيل عملية التوصيل لعدد أكبر من الأسر، ويسهم في تحقيق هدف الدولة في تقليل الاعتماد على أنابيب البوتاجاز.
تحديات تنفيذ خطط توصيل الغاز
بالرغم من الفوائد العديدة التي يمكن أن تحققها زيادة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل، إلا أن هناك تحديات كبيرة في تنفيذ هذا المشروع على نطاق واسع. من أبرز هذه التحديات هو التأكد من توفير التمويل اللازم لتغطية تكلفة توصيل الغاز إلى جميع المنازل، بالإضافة إلى مواجهة صعوبة توفير البنية التحتية اللازمة في بعض المناطق النائية أو القرى.
توجيهات الحكومة لتحسين الوضع
تسعى الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة البترول، إلى تعزيز الجهود الرامية إلى توصيل الغاز الطبيعي إلى أكبر عدد من المنازل، وذلك من خلال توسيع شبكة التوصيلات وتقديم المزيد من التسهيلات للمواطنين. وتؤكد الحكومة في هذا الصدد على أهمية تحقيق الاستدامة في استهلاك الطاقة، من خلال تشجيع المواطنين على التوجه لاستخدام الغاز الطبيعي بدلًا من الاعتماد على أنابيب البوتاجاز.
الاستفادة من تجارب الدول الأخرى
يمكن لمصر أن تستفيد من تجارب بعض الدول الأخرى التي حققت نجاحًا في توفير الغاز الطبيعي للمنازل. العديد من الدول تعتمد على أنظمة مشابهة، حيث يتم توفير الغاز الطبيعي للمنازل بأسعار مخفضة وبطرق ميسرة للمواطنين. وفي هذا الصدد، قد يكون من المفيد دراسة السياسات التي اتبعتها هذه الدول والعمل على تكييفها لتناسب الوضع الاقتصادي والاجتماعي في مصر.
ضرورة التفكير في حلول طويلة الأمد
يعتبر ارتفاع سعر أنبوبة البوتاجاز مسألة مؤلمة لكثير من المواطنين، ولكنه في الوقت نفسه يدعو إلى التفكير في حلول طويلة الأمد. إن توفير الغاز الطبيعي للمنازل يعد خطوة مهمة نحو تقليل التكلفة الإجمالية لاستهلاك الطاقة في مصر، ويجب أن تستمر الجهود لتوسيع شبكة التوصيلات وتنفيذ مشروعات جديدة تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين.
من خلال تشجيع المزيد من الأسر على التحول لاستخدام الغاز الطبيعي، وتوفير التسهيلات المالية لتوصيله إلى المنازل، يمكن لمصر أن تخفف من عبء تكاليف الطاقة على المواطنين وتساهم في تعزيز استدامة مواردها الطبيعية.