أعراض أمراض البنكرياس.. إشارات لا تتجاهلها . تُعد أمراض البنكرياس من الحالات الصحية التي قد تمر دون تشخيص لفترات طويلة بسبب تشابه أعراضها مع اضطرابات الجهاز الهضمي الأخرى.
غير أن هناك مجموعة من العلامات التي يمكن أن تثير القلق، ويجب الانتباه إليها بشكل خاص، إذ تمثل إشارات تحذيرية قد تدل على خلل في هذا العضو الحيوي الذي يلعب دوراً محورياً في عمليتي الهضم وتنظيم السكر في الدم.
واحدة من أبرز الأعراض التي تنبّه إلى وجود مشكلة في البنكرياس هي الشعور بألم شديد ومفاجئ في الجزء العلوي من البطن. ويقول الدكتور يفغيني بيلوسوف، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي، إن هذا الألم غالباً ما يمتد إلى الظهر، وقد يشتد بعد تناول الطعام، مشيرًا إلى أن طبيعته قد تكون مستمرة أو تظهر على شكل نوبات متكررة.
ويرتبط هذا النوع من الألم عادةً بالتهاب البنكرياس، وهو من الحالات التي تتطلب تدخلًا طبيًا فوريًا. ويوضح الدكتور بيلوسوف أن الأعراض المصاحبة تشمل الغثيان المستمر، والتقيؤ.
بالإضافة إلى تغير واضح في طبيعة البراز، مثل تحوله إلى براز دهني أو لونه الفاتح، مما يشير إلى نقص في إفراز الإنزيمات الهضمية من البنكرياس، وبالتالي خلل في عملية هضم الدهون.
كما أن فقدان الشهية بشكل مفاجئ وغير مبرر، إلى جانب فقدان ملحوظ في الوزن دون اتباع حمية غذائية، يمكن أن يكون علامة مهمة على وجود مشكلة في البنكرياس، خاصةً إذا استمرت هذه الأعراض لأكثر من أسبوعين.
ويضيف الدكتور بيلوسوف أن اصفرار الجلد والعينين، وهو ما يُعرف باليرقان، يُعد من العلامات الأكثر خطورة، وقد يكون دلالة على انسداد القنوات الصفراوية، وهي حالة ترتبط أحيانًا بسرطان البنكرياس أو وجود أورام ضاغطة على القنوات الصفراوية.
الضعف العام والشعور المستمر بالإرهاق دون سبب واضح، كذلك، هما من الأعراض غير النوعية التي قد تصاحب أمراض البنكرياس، إلا أنها تصبح أكثر أهمية عندما تتزامن مع أعراض أخرى كآلام البطن أو تغير لون البراز.
وعن عوامل الخطر، يؤكد الدكتور بيلوسوف أن هناك عدة أسباب تزيد من احتمال الإصابة بمشكلات البنكرياس، أبرزها الإفراط في تناول الكحول، حيث يُعتبر الكحول من العوامل الرئيسية المسببة لالتهاب البنكرياس الحاد والمزمن.
كما أن التدخين يلعب دورًا سلبيًا في صحة البنكرياس، وقد وُجد أنه يزيد من خطر الإصابة بسرطان البنكرياس بدرجة كبيرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن السمنة وسوء التغذية، خاصة تناول الدهون بكميات كبيرة والسكريات المعالجة، تعتبر من العوامل التي تُضعف وظيفة البنكرياس وتعرضه للإجهاد المستمر.
الاستعداد الوراثي أيضاً له دور لا يمكن تجاهله، إذ أن وجود تاريخ عائلي للإصابة بأمراض البنكرياس، خاصةً السرطان، يرفع من احتمالية تعرض الشخص لنفس النوع من المشكلات.
ويؤكد الدكتور بيلوسوف أن الإصابة بأمراض مزمنة مثل داء السكري، وخصوصًا النوع الثاني، يرتبط بشكل وثيق بضعف وظائف البنكرياس، ويزيد من فرصة تطور الالتهابات أو الخلل الوظيفي المزمن.
أما عن طرق العلاج، فيحذر الدكتور بيلوسوف من الاعتماد على العلاجات الشعبية أو الوصفات العشوائية المنتشرة عبر الإنترنت أو منصات التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن بعض هذه الطرق قد تتسبب في تفاقم الحالة بدلاً من تحسينها.
ومع ذلك، يوضح أن هناك بعض أنواع شاي الأعشاب مثل الزنجبيل أو الكركم، والتي يمكن أن تساهم في التخفيف من الأعراض، شريطة استشارة الطبيب قبل استخدامها ودمجها ضمن خطة علاجية طبية معتمدة.
ويختتم الدكتور بيلوسوف حديثه بالتأكيد على أهمية التشخيص المبكر عند ظهور أي من هذه العلامات، مشددًا على ضرورة إجراء فحوصات الدم والإنزيمات والبروتينات المرتبطة بوظيفة البنكرياس، إلى جانب استخدام الأشعة التصويرية كالأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي لتحديد مكان الخلل بدقة.
في المجمل، تبقى المتابعة الدورية للحالة الصحية والتوجه للطبيب فورًا عند الشعور بأي تغير غير طبيعي في الجسم، هي الطريقة الأفضل للحفاظ على صحة البنكرياس وتجنب تفاقم أي حالة قد تكون في بدايتها، خاصةً أن التأخر في التشخيص قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة لا تُحمد عقباها.