وأشار خضر إلى أن وزارة التربية والتعليم كانت قد طرحت في نهاية مارس الماضي أكبر مناقصة لطباعة الكتب المدرسية، ووفقًا للنتائج، فإن أسعار كتب 2025–2026 جاءت أقل بنحو 20% مقارنة بأسعار العام الماضي 2024–2025، وهو ما يعد مؤشرًا مهمًا على أن تكلفة الإنتاج الفعلية تراجعت بالفعل، وبالتالي لم يكن هناك أي مبرر لزيادة أسعار الكتب الخارجية.
وأضاف رئيس شعبة الورق أن السوق العالمي شهد تراجعًا كبيرًا في أسعار الورق خلال الأشهر التسعة الأخيرة بنسبة تتراوح بين 20 و30%، كما انخفض سعر صرف العملة من أكثر من 50 جنيهًا إلى ما بين 48–49 جنيهًا، وهذه كلها مؤشرات اقتصادية إيجابية تدفع نحو خفض الأسعار. ومع ذلك، استمر ناشرو الكتب الخارجية في فرض زيادات على أسعار الكتب، الأمر الذي أثار استياء أولياء الأمور واعتبروه عبئًا جديدًا على ميزانية الأسر المصرية.
وأوضح خضر أيضًا أن شركتين محليتين تستحوذان على 80–90% من إنتاج الورق المحلي قد قامتا بخفض أسعار الورق ثلاث مرات هذا العام، وهو ما يدحض تمامًا أي مبرر لارتفاع الأسعار. وأكد أن الورق يمثل 70–80% من تكلفة الكتاب، وبالتالي فإن انخفاض سعره يجب أن يؤدي بشكل مباشر إلى خفض أسعار الكتب. أما ما يقال عن ارتفاع تكاليف الطباعة، فلا يبرر أبدًا الزيادات الحالية التي وصفها بغير المنطقية.
ويشير خبراء التعليم إلى أن هذه الأزمة ليست جديدة، حيث يتكرر الجدل كل عام مع بداية موسم الدراسة، ويظل ولي الأمر بين خيارين: إما شراء الكتب الخارجية بأسعار مرتفعة نظرًا لاعتماد أبنائه عليها في المذاكرة والتحصيل، أو الاكتفاء بالكتب المدرسية الرسمية التي غالبًا ما لا تكفي وحدها لتغطية جميع جوانب المناهج الدراسية.
وفي الوقت نفسه، يرى بعض أولياء الأمور أن استمرار هذه الأزمة دون تدخل حكومي حاسم يعكس هيمنة بعض دور النشر الكبرى على السوق، حيث تقوم بتحديد الأسعار بشكل شبه احتكاري، مستفيدة من الإقبال الكبير على الكتب الخارجية. ويطالبون بضرورة تفعيل الرقابة على أسعار الكتب ومحاسبة دور النشر التي تبالغ في فرض أسعار مبالغ فيها، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية التي تثقل كاهل الأسر.
كما يربط آخرون بين ارتفاع أسعار الكتب وبين تزايد الاعتماد على الدروس الخصوصية، حيث يعتبر الكتاب الخارجي جزءًا أساسيًا من العملية التعليمية الموازية. ويؤكد هؤلاء أن خفض أسعار الكتب يمكن أن يساعد على التخفيف من ضغوط الدروس الخصوصية، ويعيد للكتاب المدرسي الرسمي دوره الأساسي.
ومن جانبهم، دعا خبراء الاقتصاد والتعليم إلى إطلاق مبادرات لدعم صناعة النشر، وتقديم بدائل رقمية للطلاب، مثل الكتب الإلكترونية والتطبيقات التعليمية، والتي يمكن أن تقلل من الاعتماد المبالغ فيه على الورق، وتوفر محتوى بأسعار مناسبة لجميع الفئات.
وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل تتدخل الدولة لضبط سوق الكتب الخارجية وفرض رقابة حقيقية على الأسعار، أم يظل أولياء الأمور في مواجهة مباشرة مع دور النشر التي لا تتأثر بانخفاض التكاليف بقدر ما تسعى لتحقيق أرباح مضاعفة؟