أسدين كوبرى قصر النيل: كشف حقيقة أعمال الصيانة بين الترميم والتشويه . تماثيل الأسدين، التي تعود إلى القرن التاسع عشر، تمثل رمزًا للفن المصري الكلاسيكي. تم تصميمها من قبل الفنان الإيطالي أنطونيو لاشيا، وتمثل جزءًا من الهوية الثقافية للقاهرة. تُعد هذه التماثيل من المعالم السياحية الشهيرة.
حيث تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم. على مر السنين، تعرضت التماثيل لعوامل التعرية والتآكل، مما استدعى الحاجة إلى أعمال صيانة دورية وانتشرت مؤخرًا أخبار تتعلق بأعمال صيانة شاملة لتماثيل الأسدين.
حيث ادعى البعض أن التماثيل تعرضت لأضرار جسيمة نتيجة عوامل البيئة والتلوث. ومع ذلك، جاء رد وزارة الثقافة المصرية ليؤكد أن أعمال الصيانة تهدف إلى الحفاظ على التماثيل وتجديدها، وليست نتيجة لأضرار كبيرة.
فقد أوضح المسؤولون أن الصيانة تشمل تنظيف الأسطح، وإزالة الأتربة والتلوث، وإجراء عمليات ترميم دقيقة للحفاظ على الشكل الأصلي للتماثيل. وقد تم التعاقد مع فريق من الخبراء المتخصصين في أعمال الترميم الأثري، لضمان تنفيذ العمل بأعلى معايير الجودة.
تاريخ كوبري قصر النيل
يشار إلى أن تاريخ كوبري قصر النيل يعود لعهد الخديوي إسماعيل، حيث اكتمل بناؤه عام 1871 ليكون أول جسر يمر فوق النيل في مصر، بالقرب من ميدان التحرير الذي كان معروفا حينها باسم “ميدان الإسماعيلية”.
أما تاريخ تماثيل أسود قصر النيل الأربعة، فيعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، وقد أبدعها الفرنسي الشهير هنرى جاكمار، بطلب خاص من الخديوى إسماعيل حيث زين اثنان من الأسود مدخل ومخرج الكوبري، لتصبح أحد أبرز رموز العاصمة المصرية حتى وقتنا هذا.
في يوم عادي، بينما كان المارة يتجولون على كوبري قصر النيل، صدموا بمنظر غريب وغير مألوف: تمثالي الأسدين الشهيرين، اللذان كانا يعتبران رمزًا من رموز القاهرة، وجدا وقد دهنا بطبقة سميكة من اللاكيه الأسود اللامع، مما شوه مظهرهما الأصلي وأثار حفيظة الجميع.
انتشرت الصور كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتفاعل معه الآلاف من المصريين وعبروا عن غضبهم واستيائهم من هذا العمل التخريبي، وطالبوا بمعاقبة المسؤولين عنه.
كما تساءل الكثيرون: كيف يمكن أن يحدث هذا؟ من المسؤول عن تشويه هذين التمثالين اللذين يحملان تاريخًا عريقًا؟ أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملات واسعة النطاق، وشاركو صورًا ومقاطع فيديو توثق شكل أسدين قصر النيل، مستخدمين هاشتاجات تعبر عن غضبهم واستنكارهم لهذا التشوية للتراث.
اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي موجة من السخط والاستنكار، حيث عبر المستخدمون عن صدمتهم من هذا الفعل المشين، تعليقات مثل “هذا ليس مجرد تلوين، بل تشويه متعمد لتاريخنا”، و”من المسؤول عن هذا التخريب؟”، تعكس مدى الانزعاج الذي أحدثته هذه الواقعة.
أسباب تلوين أسود قصر النيل؟
لم يتم الكشف حتى الآن عن الأسباب الحقيقية وراء طلاء أسدين قصر النيل، ولكن هناك العديد من التساؤلات التي تدور في أذهان الناس، هل كان هذا العمل متعمدًا بهدف التشويه؟ أم كان مجرد خطأ ارتكبه أشخاص غير مؤهلين؟ هل تمت الموافقة على هذا العمل من قبل الجهات المعنية؟
هذه الواقعة أثارت الكثير من الجدل حول أهمية الحفاظ على التراث الثقافي، وأبرزت الحاجة إلى توعية الناس بقيمة هذا التراث، كما كشفت عن وجود تقصير من قبل الجهات المسؤولة عن حماية الآثار والتراث.
يجب أن تكون هذه مشكلة أسدين قصر النيل دافعًا لتشديد الرقابة على أعمال الترميم والصيانة التي تتم على الآثار والتراث، والتأكد من أن هذه الأعمال تتم بطريقة علمية سليمة وبأيدي متخصصين.
كما يجب أن يتم توعية المواطنين بأهمية الحفاظ على تراثهم، وأن يكون هناك تعاون بين الحكومة والمجتمع المدني لحماية هذا التراث إذ زعم العديد من المصريين على مواقع التواصل أن تلك التماثيل الأثرية طمست ودهنت بشكل غير مهني وأتى ذلك، بعدما أعربت نقابة الفنانين التشكيليين أيضا عن خوفها من أعمال الصيانة التي أعلنت عنها محافظة القاهرة ووزارة السياحة والآثار.
وأوضحت في بيان أمس أنه لوحظ استخدام “الرولة” في دهان التماثيل البرونز، ما وصفته بالخطأ الكبير والمخالف للقواعد العلمية والفنية لأعمال الصيانة كما اعتبرت أن هذه الطريقة تفقد التماثيل قيمتها الفنية وتشكل ما يشبه الطمس لخامة البرونز .
وأكدت أن صيانة التماثيل البرونزية لا تتم بالطرق التقليدية، إنما بطرق أكثر دقة لإزالة الأتربة الملتصقة فقط دون استعمال “ورنيشات ومواد ملمعة” تفسد على المستوى البصري والتقني.
من جانبه أعلن رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار جمال مصطفى، أنه تواصل مع نقيب الفنانين التشكيليين، طارق الكومي، وتقرر عقد اجتماع معه اليوم الثلاثاء، للاستماع لرأيه فيما يتعلق بعمليات تنظيف وترميم أسود قصر النيل وتشكيل لجنة فنية لدراسة المواد المستخدمة في عمليات التنظيف.
كما أضاف أن الإدارة المركزية للترميم الدقيق بقطاع المشروعات بالمجلس الأعلى للآثار أكدت على أن عمليات التنظيف والترميم تتم بشكل دقيق، وأن غسل التماثيل يتم من خلال صابون معالج ومتعادل ليتناسب مع مادة البرونز المصنوع منها التماثيل، حسب ما نقلت “اليوم السابع”.
كذلك شدد على أن أسود كوبري قصر النيل لا تعد ضمن عداد الآثار المسجلة، لكنها تاريخية ويتم التعامل معها بحرص شديد”من جانبها عادت النقابة وثمنت الاستجابة السريعة من محافظ القاهرة الدكتور إبراهيم صابر وكذلك الدكتور جمال مصطفى، وأضافت أنه تم التنسيق بين نقابة الفنانين التشكيليين ووزارة السياحة والآثار على تضافر الخبرات للانتهاء من عملية ترميم وصيانة أسود قصر النيل وإعادتها إلى أصل الباتينا اللونية للتماثيل.
تعتبر تماثيل أسدين كوبرى قصر النيل جزءًا لا يتجزأ من التراث المصري، وصيانتها تعد خطوة هامة للحفاظ على الهوية الثقافية للبلاد. وعلى الرغم من الشائعات التي قد تثير القلق، إلا أن الحقيقة تؤكد أن هذه الأعمال تهدف إلى الحفاظ على جمال التماثيل وضمان استمراريتها للأجيال القادمة. في النهاية، يجب أن ندرك أهمية الحفاظ على تراثنا الثقافي، وأن نكون فخورين بمعالمنا التي تعكس تاريخنا الغني.