أزمة في سد النهضة: عطل مفاجئ يؤدي إلى عودة المياه إلى مصر قسراً . شهدت أزمة سد النهضة تطورات جديدة في الفترة الأخيرة بعد توقف توربينات السد، وهو ما أحدث قلقًا واسعًا في الأوساط المصرية حول تأثير هذا التوقف على إمدادات المياه المتجهة إلى مصر. الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، كشف عن أسباب التوقف والمستجدات المرتبطة به، موضحًا أن هذه الأزمة قد تؤثر على حصة مصر من المياه بشكل مباشر.
أسباب توقف توربينات سد النهضة
أوضح الدكتور عباس شراقي أن توقف التوربينات في سد النهضة قد يكون ناتجًا عن عدة أسباب فنية تتعلق بتركيب هذه التوربينات أو أن شبكة نقل الكهرباء المقررة قد تكون غير كافية سواء للاستهلاك المحلي أو لتصدير الطاقة الكهربائية.
فقد تم تركيب أربع توربينات في السد؛ تم تركيب أول توربين في 22 فبراير 2022، تلاه الثاني في 14 أغسطس 2022، بينما تم تركيب التوربينين الآخرين في 24 أغسطس 2024. وذكر شراقي أن التوربينين الأولين كانا يعملان بشكل متقطع، حيث كانا يعملان أسبوعًا ثم يتوقفان لشهور، بينما لم تعمل التوربينات الأربعة بشكل مستمر في الأشهر الثلاثة الأخيرة.
فيما يخص التوربينات الثلاثة الأخرى المقرر تركيبها في ديسمبر الحالي، فقد أضاف الدكتور عباس شراقي أنه لم يتم تشغيل التوربينات الأربعة بشكل مستمر، مما يؤدي إلى تأثيرات على المخزون المائي في بحيرة السد.
تأثير توقف التوربينات على المخزون المائي
من جهة أخرى، أكد الدكتور عباس شراقي أن توقف تشغيل التوربينات قد أثر على كمية المياه المخزنة في سد النهضة. ففي بداية شهر سبتمبر 2024، استقر مستوى التخزين في بحيرة السد عند منسوب 638 مترًا فوق سطح البحر، بإجمالي 60 مليار متر مكعب من المياه.
وأشار إلى أن هذه المياه كانت تتدفق عبر بوابة واحدة من بوابات المفيض العلوية بمعدل 50 مليون متر مكعب يوميًا. وفي حال استمر توقف التوربينات، فإن هذا المعدل لن يكفي سوى لتشغيل توربين واحد فقط، مما يستدعي اللجوء لاستخدام جزء من المخزون المائي لضمان استمرارية عملية تشغيل التوربينات.
عودة المياه إلى مصر
وبينما كانت بحيرة السد مليئة بمقدار 60 مليار متر مكعب من المياه، أكد الدكتور عباس شراقي أن جزءًا من المياه المصرية المحتجزة والتي تبلغ 19 مليار متر مكعب قد يتم إطلاقها في حال عودة تشغيل التوربينات.
وأضاف أنه قد يتم أيضًا إعادة جزء من المياه التي كانت محتجزة خلال السنوات السابقة، مما يؤدي إلى تحسن في الوضع المائي في مصر. هذه العودة من المياه تعتبر عنصرًا حيويًا في سد احتياجات مصر من المياه، خاصة في ظل ما تواجهه البلاد من تحديات مائية.
نتائج استمرار توقف التوربينات
وفي منشور سابق له في 21 نوفمبر، أشار الدكتور عباس شراقي إلى أنه إذا استمر توقف التوربينات لفترات طويلة، فإن هذا قد يعني أن سد النهضة لن يكون قد اكتمل بنجاح كما زعم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وتساءل عن سبب عدم توفير الفوائد المرتقبة من بناء السد، مثل توفير الكهرباء والمياه اللازمة للشرب والزراعة، رغم احتواء بحيرة السد على 60 مليار متر مكعب من المياه. وعلق شراقي قائلاً: “رغم وجود هذه الكمية من المياه، إلا أن المشروع لم يساهم في تحسين قطاع الزراعة ولم يتم توجيه تلك المياه لتلبية احتياجات الزراعة أو توليد الكهرباء كما كان متوقعًا.”
وأضاف أن استمرارية توقف التوربينات لا تؤثر فقط على قدرة إثيوبيا في إنتاج الكهرباء ولكنها تحد من إمكانية استخدام السد في تلبية الاحتياجات المائية والزراعية، مما يعكس عدم اكتمال المشروع بالشكل الذي كان مأمولًا.
توقف توربينات سد النهضة عن العمل يعد مشكلة معقدة لم تؤثر فقط على إثيوبيا، بل قد يكون لها تداعيات مباشرة على إمدادات المياه التي تعتمد عليها مصر. فمن المتوقع أنه في حال عودة تشغيل التوربينات.
فإن جزءًا من المياه المحتجزة ستبدأ في العودة إلى مصر، ما يساعد في تخفيف حدة الأزمة المائية التي تعاني منها البلاد. ولكن حتى ذلك الحين، لا يزال التحدي قائمًا في ظل تذبذب مستوى التخزين واستمرار عدم اكتمال بنية السد لتوفير الفوائد المرجوة منه.