أخلاق الحج في الطريق إلى بيت الله.. آداب لا غنى عنها . في هذه الأيام المباركة، يتوجه المسلمون من كل أنحاء الأرض إلى أطهر بقاعها، لأداء فريضة عظيمة من فرائض الإسلام، ألا وهي فريضة الحج، التي جعلها الله سبحانه وتعالى من أركان الدين، ولكنها مقرونة بالاستطاعة.
قال تعالى:
“وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا” [آل عمران: 97].
ومع اقتراب موسم الحج، يكثر البحث والسؤال عن آداب الحج وشروطه ومناسكه ومحظوراته، لضمان أداء هذه العبادة العظيمة بشكل صحيح يرضي الله عز وجل.
أولًا: آداب الحج التي يجب أن يتحلى بها المسلم
تُعد آداب الحج من الأمور الجوهرية التي ينبغي لكل مسلم ومسلمة الالتزام بها قبل وأثناء أداء المناسك. وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية مجموعة من الآداب التي تساعد الحاج على أداء الفريضة بروح إيمانية عالية، منها:
الإكثار من الصدقة والإحسان
ينبغي للحاج أن يكون كريمًا مع من حوله، فيتصدق على المحتاجين، ويعين الرفقة، ويسعى لفعل الخير.
اختيار الرفقة الصالحة
ينصح بأن يسافر الحاج مع من يعينه على الطاعة، وقد قيل في المأثور: “الرفيق قبل الطريق”.
الإحسان إلى الرفيق
حسن الخلق والإيثار من أبرز الصفات المطلوبة، وعلى الحاج أن يكون مبادرًا في المساعدة والمعاملة الحسنة.
عدم المزاح بما فيه كذب أو إيذاء
إذا مزح فليكن مزحه صادقًا لا يؤذي أحدًا، فالله تعالى حرّم الكذب والهزل الفاحش.
الحرص على الحلال في النفقة
أن تكون نفقات الحج من مال حلال طيب، لما له من أثر في قبول العمل واستجابة الدعاء.
الانشغال بما يفيد
كثرة الذكر، والتفكر، وقراءة القرآن، والدعاء، والبعد عن اللغو والكلام الفارغ.
طلب العلم قبل الحج
يتوجب على الحاج أن يتعلم أحكام الحج من مصادر موثوقة، ويسأل المختصين عن أي أمر يلتبس عليه.
التخلي عن الهوى وحب الذات
ينبغي أن يكون الحاج خالصًا لله في نيته، تاركًا للرياء والغرور.
رد الحقوق لأصحابها قبل السفر
يجب تسديد الديون ورد الأمانات، حتى لا يكون الحاج مدينًا لأحد بحقوق لم يُؤدها.
ثانيًا: أركان الحج التي لا يكتمل بدونها
الحج له أركان محددة لا يتم إلا بها، وهي كما ورد عن دار الإفتاء:
الإحرام: وهو نية الدخول في الحج، ويكون من الميقات المخصص.
الطواف: طواف القدوم أو طواف الإفاضة حول الكعبة المشرفة.
السعي بين الصفا والمروة: تذكير بسعي هاجر زوجة سيدنا إبراهيم.
الوقوف بعرفة: وهو الركن الأعظم، ولا يصح الحج بدونه.
ثالثًا: ترتيب مناسك الحج بالتفصيل
فيما يلي تسلسل مناسك الحج كما يؤديها الحجاج في الأراضي المقدسة:
الإحرام من الميقات بنية الحج.
الطواف حول الكعبة.
السعي بين الصفا والمروة.
يوم التروية (8 ذو الحجة): يتوجه الحاج إلى منى.
يوم عرفة (9 ذو الحجة): الوقوف على جبل عرفات من الظهر حتى المغرب.
المبيت في مزدلفة بعد الإفاضة من عرفات.
رمي جمرة العقبة الكبرى صباح العيد (10 ذو الحجة).
ذبح الهدي والتحلل من الإحرام.
طواف الإفاضة.
أيام التشريق: رمي الجمرات الثلاث.
طواف الوداع قبيل مغادرة مكة.
رابعًا: شروط الحج التي يجب توافرها
حتى يكون الحج صحيحًا وواجبًا، يجب أن تتوافر في الحاج الشروط التالية:
الإسلام: فالحج لا يُفرض إلا على المسلم.
البلوغ: لا يُفرض على الصبي، وإن حج فلا يسقط عنه فرض الإسلام.
العقل: يشترط العقل لصحة العبادة.
الحرية: الحج لا يجب على العبد المملوك.
الاستطاعة المالية والبدنية.
أمان الطريق: وهو شرط لسلامة السفر.
إدراك وقت المناسك: خاصة الوقوف بعرفة.
خامسًا: تقسيم مناسك الحج بين الأركان والواجبات والسنن
لفهم تركيبة مناسك الحج بشكل أوضح، يمكن تقسيمها كالتالي:
أركان الحج:
الإحرام.
الوقوف بعرفة.
طواف الإفاضة.
السعي بين الصفا والمروة.
واجبات الحج:
المبيت بمزدلفة.
المبيت بمنى.
رمي الجمرات.
طواف الوداع.
السنن:
طواف القدوم.
التوجه إلى منى في يوم التروية.
التلبية ورفع الصوت بها.
سادسًا: محظورات الإحرام التي تفسد أو تُنقص الحج
هناك مجموعة من المحظورات التي يجب تجنبها بمجرد دخول الحاج في النية والإحرام، وتشمل:
تغطية الرأس للرجال.
حلق الشعر أو قص الأظافر.
التطيب أو استخدام العطور.
اللبس المخيط للرجال.
الجماع أو مقدماته.
الصيد البري.
اقتلاع شجر الحرم أو نباته.
الجدال والفسوق والرفث.
المرأة لا تنتقب ولا تلبس القفازين.
كل هذه المحظورات تؤثر على صحة الحج، وقد يُطلب فيها فدية أو يُبطل الحج إذا تم الجماع قبل التحلل الأول.
إن الحج ليس مجرد طواف وسعي وتنقل بين المشاعر، بل هو مدرسة تربوية روحية وأخلاقية. من التزم بآداب الحج وأحكامه وشروطه، خرج من الحج كما ولدته أمه، خاليًا من الذنوب والخطايا، وقد نال رضا الله وغفرانه.
فعلى كل من نوى الحج أن يُخلص النية، ويستعد علميًا وروحيًا، ويتسلح بالعلم والأدب والتواضع، ليكون حجه مبرورًا وسعيه مشكورًا وذنبه مغفورًا.