أبل تغيّر أولوياتها وتستعد لإطلاق آيفون القابل للطي على حساب iPhone Air . يبدو أن شركة أبل تستعد لإحداث تحول جذري في استراتيجيتها داخل سوق الهواتف الذكية، بعد أن قررت تقليص تركيزها على هاتف iPhone Air فائق النحافة، الذي لم يحقق النجاح التجاري المنتظر رغم الضجة الكبيرة التي رافقت إطلاقه.
وبحسب تقارير حديثة صادرة عن مصادر صناعية موثوقة، فإن الشركة تتجه لإعادة توجيه استثماراتها نحو مشروع الآيفون القابل للطي، في خطوة من المتوقع أن تعيد تشكيل مستقبل منتجاتها خلال السنوات المقبلة، وتضعها في منافسة مباشرة مع الشركات التي سبقتها إلى هذا المضمار مثل سامسونغ وهواوي.
تراجع مبيعات غير متوقع
كان طموح أبل من هاتف iPhone Air يتمثل في تقديم تجربة جديدة تمزج بين التصميم فائق النحافة والأداء القوي، ليكون بداية فصل جديد في تاريخ الشركة مع الهواتف خفيفة الوزن. غير أن النتائج الفعلية في الأسواق لم تكن على مستوى التطلعات، إذ أظهرت بيانات المبيعات أن الحماس الأولي سرعان ما خفت في الأسواق العالمية، رغم الإقبال الملحوظ في السوق الصينية خلال الأسابيع الأولى من الطرح.
ووفقًا لتقرير صادر عن بنك Mizuho Securities الياباني، فقد قررت أبل خفض إنتاج الجهاز بمقدار مليون وحدة خلال عام 2025، بعد أن جاءت المبيعات أقل من التقديرات التي وضعتها الشركة.
ويُرجع الخبراء هذا التراجع إلى عدة عوامل، أبرزها عدم وضوح الفارق السعري بين iPhone Air ونموذج iPhone Pro، إذ يبلغ سعر الأول نحو 999 دولارًا فقط، أي بفارق ضئيل لا يتجاوز مئة دولار عن النسخة الأعلى أداءً. هذا الفارق المحدود دفع كثيرًا من المستخدمين إلى تفضيل النسخة الأغلى التي توفر أداء أقوى وبطارية أكبر وعمر تشغيل أطول.
إعادة توجيه البوصلة نحو المستقبل
في ظل هذا الأداء المتراجع، يبدو أن أبل قررت إعادة رسم مسارها باتجاه مشروع أكثر طموحًا طال انتظاره، وهو الآيفون القابل للطي. ووفقًا لما نقلته صحيفة ET News الكورية، تعمل الشركة بالفعل على تطوير نموذجين من الهواتف القابلة للطي: الأول بتصميم يشبه الكتاب، يُتوقّع إطلاقه عام 2026، والثاني أصغر حجمًا على هيئة الصدفة (Flip) سيُطرح في عام 2028.
ورغم أن المشروع ما يزال في مراحله التجريبية، فإن أبل — حسب التقارير — تستثمر موارد ضخمة في الأبحاث والتطوير لضمان تقديم منتج يليق بسمعتها، ويتميز بمتانة عالية وأداء متفوق على منافسيها. وتهدف الشركة إلى الجمع بين أناقة الآيفون الكلاسيكية ومرونة الأجهزة اللوحية، بما ينسجم مع التوجه العالمي نحو الهواتف القابلة للطي التي تشهد نموًا متزايدًا في مختلف الأسواق.
ثورة في الشاشة والتصميم
أحد أبرز التحديات التي تواجه الهواتف القابلة للطي هو مشكلة التجاعيد التي تظهر في منتصف الشاشة مع كثرة الاستخدام، إلا أن أبل تخطط لتجاوز هذه العقبة من خلال تبني أحدث تقنيات العرض.
وتشير التسريبات إلى أن الشركة ستستخدم شاشات LTPO المعروفة بكفاءتها العالية في استهلاك الطاقة، إلى جانب تقنية COE التي تعمل على زيادة السطوع وتقليل التجاعيد، ما يمنح المستخدمين تجربة مشاهدة أكثر سلاسة وأناقة.
كما تشير بعض التقارير إلى أن النموذج الأكبر من الآيفون القابل للطي سيضم شاشة تصل إلى 7.8 بوصة تقريبًا، ليكون بمثابة جهاز هجين يجمع بين الهاتف واللوحي، يناسب فئة المستخدمين الذين يفضلون الإنتاجية والعمل أثناء التنقل. في المقابل، سيستهدف النموذج الأصغر فئة الشباب ومحبي التصميم الأنيق المدمج، بأسلوب مشابه لجهاز Galaxy Z Flip من سامسونغ.
أبل تراهن على التجربة المتكاملة
تسعى أبل من خلال هذه الخطوة إلى توسيع آفاق تجربة المستخدم، وعدم الاكتفاء بتحديثات سنوية بسيطة كما اعتادت في إصداراتها السابقة. فالشركة باتت تدرك أن السوق يشهد تحولات سريعة نحو الأجهزة متعددة الاستخدامات، وأن المنافسة لم تعد تعتمد فقط على قوة المعالج أو الكاميرا، بل على مرونة التصميم وتنوع الوظائف.
وبينما لا تزال الأسعار المرتفعة والمتانة طويلة الأمد من أبرز التحديات أمام فئة الهواتف القابلة للطي، إلا أن دخول أبل الرسمي إلى هذا القطاع سيعيد رسم ملامح المنافسة من جديد.
إذ من المتوقع أن يؤدي هذا التحرك إلى تحفيز باقي الشركات على تحسين تقنياتها، وتقديم أجهزة أكثر تطورًا بأسعار منافسة، تمامًا كما حدث بعد إطلاق أول آيفون في عام 2007.
من الواضح أن أبل تدخل مرحلة إعادة تعريف للابتكار في عالم الهواتف الذكية. فبعد أن خف وهج iPhone Air، اتجهت الشركة إلى التركيز على مشروعها الأكثر طموحًا حتى الآن — الآيفون القابل للطي — الذي قد يفتح الباب أمام جيل جديد من الأجهزة يجمع بين التصميم العصري والوظائف المتقدمة. وإذا نجحت أبل في تجاوز تحديات التكلفة والمتانة، فقد نشهد خلال السنوات القليلة القادمة ثورة حقيقية في مفهوم الهاتف الذكي تحمل توقيع التفاحة الأمريكية من جديد.







