من هو حمد بن حليس السناني | حمد بن حليس السناني ويكيبيديا . حيث انه نتيجة للبيئة الثقافية الخصبة فقد شهد القرن العشرون ظهور روّاد للأغنية العمانية حملوا على عاتقهم وضع أساسها، وتطويرها، وإظهارها للملأ، كل ذلك كان في ظل ظروفٍ صعبةٍ أجبرت بعضًا منهم على الانطلاق من خارج قواعدهم المحلية، فكان العديد من حكايات الشغف والتحدي حتى الوصول لمرحلة النجاح لهؤلاء الفنانين، ومن بين هؤلاء الروّاد: شهاب أحمد، وحمدان بن عبدالله البريكي المعروف بحمدان الوطني، ومحمد بن سلطان المقيمي، ومحمد بن سالم المطلعي، وسالم بن راشد الصوري، وعمر جبران، ومحمد حبريش، وموزة خميس، وعلي الخابوري، ومحمد المسقطي وغيرهم من الأسماء العديدة التي أثرت الساحة الفنيّة العمانيّة في تلك الفترة.
حمد بن حليس السناني
“أثير” تقترب في هذا التقرير من أحد هؤلاء الروّاد، هو الفنّان الذي تتلمذ على يديه عدد من مشاهير الأغنية الخليجيّة فيما بعد، وصاحب الأغنية الشهيرة “سلام يا حمام” التي نالت شهرةً كبيرة، واقتبس لحنها عددٌ من الفنانين من داخل السلطنة وخارجها، وهو الفنان الكبير حمد بن حليس السناني عميد أسرةٍ فنية أنجبت عددًا من الفنانين والباحثين في الفلكلور العماني كالفنّان المعروف عوض بن حمد، والباحث سالم بن حمد وغيرهم.
بدأت تفاصيل قصة هذا الفنّان الشامل من مسقط رأسه ومرتع صباه في “سنيسلة” بولاية صور، المدينة التي شهدت كثيرًا من حكايات السندباد، وكانت مسرحا لعديد من القصص والحكايات التي تحكي عن الرجل الشرقي وعلاقته بالبحر، ومغامراته مع أهواله ومخاطره، والمدينة التي كانت تتداخل فيها أصوات النوارس مع رنين مطارق “وساتيد” الخشب، وصوت تراتيل الفتية في حلقات القرآن، ونغمات غناء النهّامة والمرددين فوق السفن الخشبيّة المستعدة كي تمخر عباب البحر بعيدًا نحو موانئ العالم في رحلةٍ مع المجهول مكوّنةً سيمفونيةً رائعة ومزيجًا ساحرا كان كافيا كي يستثير عشق الترحال، ويوقد جذوة الإبداع لدى فنّانيها، وهي حكايةٌ تكاد لا تختلف عن مثيلاتها المتعلقة بفنانين آخرين أنجبتهم هذه الولاية العريقة بفنونها المختلفة كالصوري، والمقيمي، وغيرهم.
وُلد السناني في حارة سنيسلة بولاية صور، وقد اختلف في تاريخ مولده . فالباحث مسلم بن أحمد الكثيري في دراسته “جذور غناء العوادين العُمانيين وتطوره” يرى أنه من مواليد 1891، بينما يذهب حمود الغيلاني في كتابه “ولاية صور” إلى أنه من مواليد عام 1895 م، ويشير عدد من المواقع في شبكة المعلومات العالمية إلى أن مولده كان في عام 1900 م.
زار الفنان حمد بن حليس عددًا من الدول خلال مسيرته الفنية الطويلة، فذهب إلى زنجبار والكويت، وزار الهند، كما اطّلع على عددٍ من الفنون التي كانت تمارس في بيئته المحلية بصور وما حولها كالرزحة والميدان والشرح وغيرها، فاستفاد من إيقاعاتها، واستلهم من كلماتها، كما تمكن بحكم نشأته في بيئةٍ بحريةٍ صرفة كصور، وبحكم اقترابه من حركة الأسفار والتواصل الثقافي بين موانئ الخليج من تأدية فن “الصوت” الذي برع فيه فنانو الكويت والبحرين.
كما كانت البحرين إحدى محطات الفنّان؛ حيث التقى هناك بصديقه وتلميذه وابن مدينته الفنان سالم الصوري، وسجل معه في شركته ” سالم فون” عددا من أغانيه من بينها ” بو عويّض يقول”، و”أبو عوض قال افهم يا فهيم”، و”قال الفتى بو محمد”، و”بن زامل”، وفي عام 1967 سجل الفنان حمد حليس أول أغنية له مع الفنان الكويتي القدير عبدالله فضالة على آلة الكمان، وهي أغنية “يا غصن ريان”.
ويعد الفنان حمد السناني أول مطرب يسجل في استوديوهات الكويت عند افتتاحها مع إبراهيم الماس وسجل أيضا في استوديوهات (سالم فون وجرجافون)، كما يُعدّ أحد الذين يحتفظ المتحف الموسيقي البريطاني بتسجيلات صوتية غنائية لهم .
وفاته
توفي حمد بن حليس سنة1986 بحسب اتفاق الدراسات القليلة التي اقتربت من سيرته متجاوزًا الخامسة والثمانين من العمر، وبرغم أنه من جيل الروّاد الأوائل في مسيرة الأغنية العمانية، وبرغم البصمات المهمة التي وضعها هذا الفنّان إلا أن الدراسات التي تناولت حياته قليلة ولا تكاد تذكر، والمعلومات لا تتجاوز أسطرا بعدد أصابع اليد، كما أن التكريم الذي ناله هذا الفنان- إذا ما استثنينا احتفاء مهرجان الأغنية العمانية عام 2015- يكاد يكون معدومًا، وهي دعوة صادقة لتسليط الضوء على سيرة هذا الفنان الكبير وغيره ممن أثروا الساحة الفنية العمانية ونهضوا بها في فترةٍ استثنائيةٍ صعبة.